مشاكسات الحلفاء
تراشق أمريكي أوروبي
د.شمس الهدى إبراهيم
إدريس
يعتبر التحالف
الأمريكي الأوروبي من التحالفات القوية التي ترعي المصالح المشتركة لدول أوروبا
والولايات المتحدة الأمريكية، كما يعتبر حلف الناتو هو العاصم المشترك للدفاع عن
مصالح ودول الحلف، وكل العمل المشترك لتلك الدول يتم عن حلف النانو. وهو الحاف
المجابه لحلف الأطلسي بقبادة الاتحاد السوفيتي سابقاً.
أحتلف الأمر عقب انتهاء الحرب الباردة
وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم وتجاوزت كل المواثيق الدولية
فيما عرف بالحرب الاستباقية خاصة في عهد بوش الإبن ، مما جلب الكراهية للولايات
المتحدة الأمريكية . حاول أوباما تبيض وجه أمريكاأمام العالم والمجتمع الدولي.جاء عهد ترمب يختلف تماماً عما كان في العهود
الرؤساء الأمركان الذين سبقوه. فنال التحالف الأمريكي مع أوروبا نصيباً هز أركان
العلاقة بين الدول الأوروبية والإدارة الأمريكية، عندما أعلن على الدول الأوروبية
أن تدفع ثمن الحماية الأمريكية، وأن حلف التانو أصبح أمراً لايطاق ولافائدة منه ،
ولوح أكثر من مرة منذ حملته الانتخابية بالإنسحاب منه. وأرد ذلك بقرارت تجارية
صارمة وصادمة للاتحاد الأوروبي. الأمر الذي اشعر الأوروبيون أن تحالفهم التاريخيالتجاريوالأمني بينهم وبين الولايات المتحدة الأمريكية أقرب من
نهايته في ظل إدارة ترمب.وأردفذلكبأصدار
عدد من التصريحات والقرارات التنفيذية لعدد من المسائل الدولية المتعارضة مع
الموقف الأوروبي، التي أثارت حفيظة الأوروبيين، ما دعا الرئيس الفرنسي للطلب من
الاتحاد الأوروبي الرد بحزم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي رحب بخروج
بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تدق هذا التغيير في سياسة واشنطن ناقوس الخطر في
أوروبا ودول الاتحاد الأوروبي ، حيث أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، إن التغيير
في سياسة ترامب نحو أوروبا يضع الاتحاد الأوروبي في وضع صعب، حيث يبدو أن الإدارة
الجديد تثير الشكوك في الـ70 عاماً الماضية من السياسة الخارجية الأمريكية"،
ملفتًا أن التصريحات المثيرة للقلق والصادرة عن ترامب خلال حملته الانتخابية، وما
تلاها عقب توليه مقاليد الأمور داخل البيت الأبيض، تجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل
أوروبا خاصة والعالم بصفة عامة.كما أن الرفض الشعبي البريطاني لزيارة ترامب
المزمع قيامها في مقبل الأيام للندن ، هذا أمر لم يحدث لرئيس أمريكي من قبل.كما
نبه وحزر مؤتمر ميونخ للأمن الذي يُعقَد سَنويًّا في حُضور زُعماء ومَسؤولين من مُختَلف
أنحاء العالم، في تقريرِه السَّنوي الذي صَدر مطلع هذا العام، من سِياسات ترامب
التي تقود العالم إلى حافّة الهاوِية، وطالب بنِظامٍ أمنيٍّ أوروبيٍّ مُستَقِل
كُلِيًّا عن الوِلايات المتحدة.
وتعتبر هذه
التصريحات الأعنف في مسيرة الاتحاد الأوروبي ضد رئيس أمريكي، وتعكس هذه التصريحات
مدى عدم الرضا والقلق الأوروبي تجاه سياسة ترامب ، كما تؤشر إلى مزيد من المناكفات
والمشاكسات الأوروبية الأمريكية التي بدأت
بوادرها واخلافات في وجهات النظر في قضايا حساسة ومصيرية. وهذا بدوره يشير إلى
سيناريوهات متقاطعة وذات مسارات يمكن أن تخلط أوراق مستقبل العلاقات الدولية عامة
والأوروبية الأمريكية خاصة.
أول تلك
السيناريوهات أن تتأزم العلاقة بين الأتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتتصاعد ،
وبالتالي يقود ذلك إلى تشكيل تحالف جديد ، وهذا يصب في اتجاه روسيا وأسيا كخيارات
بديلة .أما السيناريو الأخر أن تنصاع أوروبا ودول الاتحاد الأوربي لسياسة ترامب
وتصبح سياسات أوروبا تابع لرغبات واشنطن ، وهذا يكلف أوروبا كثيراً ، وربما يعمق
الخلافات الأوروبية الأوروبية ، وقد يقود إلى تفكك الاتحاد الأوروبي ، وهو أبعد
السيناريوهات. أما السيناريو الأضعف أن يستمر الحال كما هو عليه مع بعض الانفراجات
هنا وهناك لحين ماتسفر عنه نهاية فترة ترامب ووصول رئيس جديد للولايات المتحدة
الأمريكية.
ما زالت الأسباب التي دَفعت ترامب لإعلان هذه
الحرب الغامضةتجاه أوروبا غير واضحة،وظهرت تحليلات متفائلة وأخرى متشائمة ، رأى
بعض المراقبون أن دوافع ترامب تأديبة للاتحاد الأوروبي لمواقفه المتناقضة مع سياسة
ترامب في قضايا الشرق الأوسط . في ظل طريقة ترامب الأبوية التي يتعامل بها مع
الدول الأوروبية . كما ترى فئة أخرى من المحللين والمراقبين أن سياسة ترامب هي
انتزاز حلفاءه إقتصادياً ومالياً وأمنياً ، وأخذ مقابل الحماية الأمريكية لهؤلاء
الحلفاء . فبدأ بدول الخليج العربي واتجه الأن إلأى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
تزامت حملة ترامب ضد أوروبا مع حملة شنتها إسرائل في ذات الاتجاه. حيث هاجم وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في مقابلة مع القناة الثانية الإسرائيلية، أنالحكومات الأوروبية تفضل الهروب من الواقع يواصلون دفن رؤوسهم في الرمال ، وألمح إلى حالهم أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية. وثمن في ذات الوقت إلى موقف الدول العربية لدعم الاستراتيجية الصلبة التي أعلنها ترامب حيال إيران وانشطتها في الشرق الأوسط.
عموماً لا يتوقع أن تتوقف أثر تدهور العلاقات
الأوروبية الأمريكية على طرف واحد ، ولكنها من الطبيعي أن تصل إلى أبعد من ذلك
بكثير في ظل السياسات الأمريكية الواضحة والصريحة لترامب أن أمريكا أولاً، ونهجه
البعيد عن الأعراف الدبلوماسية .إلا إذا كان هذا الحراك يصب في تبادول الأدوار بين
الأوروبيين والأمركان في ارتباك السيات والعلاقات الدولية لصالح الطرفين في ظل
عالم تعمه الفوضى وغياب الرؤى الاستراتيجية لدول الشرق الأوسط خاصة العالم العربي
والإسلامي، وانشغالهم بالمسائل الآنية دون النظرة الاستراتيجية ، وهم أرض الموارد
الإقتصادية الضخمة والغذاء والماء . وها ياترى أن الوضع الحالي والمناكفات
الأوروبية والروسية والأمريكية الإسرائيلية تقود إلى تحالفات جديد لنظام عالمي
جديد يكون باقي العالم خارج اللعبة. وما سر التحركات والزيارات المتبادلة بين
الفاعليين الدوليين. أين موقعنا الآن من هذا الحراك!؟؟. وهل ياترى يمكن لأمريكا في
سعيها لتكوين دولة إسرائيل الكبرى في منطقة الشرق الأوسط أن تخسر الدول الأوروبية
والقوى الكبرى المنافسة لكي تفسح المجال لقوى أخرى مناهضة للاستراتيجية الأمريكية
العظمى. أم هو السيناريو الأعظم بعينه؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق