مقالات
محكة في
مستقبل النظــام الســياسي في الســودان
د. شمس الهدى إبراهيم
إدريس
(1) لمحة
تاريخية للتطور السياسي في السودان
نال السودان استقلاله عام 1956م بعد حراك سياسي بين المستعمر
والقوى الوطنية، حيث برع الحكم الثنائى (البريطاني والمصري) في خلق تيارين مختلفين
في الرؤى والأفكار حول هوية الدولة السودانية ونظامها السياسي الذي يقود إلى
استقرار مستدام. لم ينجح السياسيون السودانيون ممثلين في طائفتي الأنصار والختمية
والمجموعات المستنيرة ممثلة في رابطة مؤتمر الخريجين تلك الرابطة التي أوت للزعامة
الدينية ذات الأكثرية الجماهيرية التي استخدمت القداسة لخدمة السياسة، ولم تنتهج
منهجاً تعددياً في نظامها السياسي لإدارة أمر البلاد، ولذا أنتج نظاماً سياسياً
طابعه المشاحنات والإقصاء السياسي وعدم القبول بالآخر، مما أدى في نهاية المطاف
إلى فشل التجربة الديمقراطية في أوائل الدولة السودانية عقب الاستقلال.
كما ولجت الساحة السياسية قوى سياسية ذات بعد أيدولوجى،
حاولت الخروج عن عباءة الزعامات الطائفية ولكنها فشلت هي الأخرى في خلق نموذج نظام
سياسي يلبى مطلوبات التركيبة الاجتماعية والثقافية والإثنية للمجتمع السوداني، بل
حاولت استجلاب نظم ديمقراطية حققت نجاحات في بلدانها وتطبيقها حرفياً دون مراعاة
العوامل الداخلية لمكونات المجتمع السوداني، مما قاد إلى فشل كل التجارب
الديمقراطية فيه، كما فشلت كل المحاولات العسكرية التي أتت (نظام الحزب الواحد)
لمعالجة أسباب إخفاقات الديمقراطيات التعددية.
لم ينعم السودان باستقرار سياسي منذ استقلاله لعدم وجود
توافق سياسي يرتكز على نظام حكم يستوعب مكونات المجتمع السوداني الذي ينتمى إلى
أعراق متعددة ذات هويات سياسية متنوعة. فشلت التجارب الديمقراطية الحزبية التي
طبقت في السودان، كما لم تنجح الحكومات العسكرية على حدٍ سواء في إرساء نظم حكم
ديمقراطي مستدام. فحاولت الإجابة على بعض الأسئلة التي لم تبارح أذهان الباحثين
والمفكريين وأهمها: لماذا لم تنجح التجارب الديمقراطية في السودان، وكذلك التجارب
العسكرية؟، وما الأسباب التي قادت الديمقراطية في بعض البلدان إلى استقرار سياسي
فيما لم تنجح في السودان رغم التشابه بين السودان وتلك الدول؟،وهل يمكن تطبيق
الديمقراطية المنقولة في السودان؟، ما النظام السياسي الأوفق للحكم في السودان؟. وتركز
سلسلة المقالات على معرفة الأسباب الحقيقية لفشل التجارب الديمقراطية التي مُورست
في السودان وتجارب الحكومات العسكرية .بالإضافة لتقديم اقتراح لنظام سياسي يستوعب
مكونات المجتمع السوداني، ويقود إلى استقرار سياسي.
تنبع أهمية البحث من مدى أهمية التوافق على نظام سياسي
يستوعب التباينات السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية في بلد به مجتمعات
متعددة كالسودان، كما يمثل البحث محاولة لمقترح نظام سياسي ديمقراطي يسهم في
الاستقرار السياسي في السودان بعد تجارب ديمقراطية وغير ديمقراطية لم تثبت نجاحها،
مع بروز مستجدات على الصعيد الداخلي (نتيجة العولمة) والإقليمي والدولي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق