مقالات
محكمة في
مستقبل النظــام الســياسي في الســودان
د. شمس الهدى إبراهيم
إدريس
(25)
النظام الملائم لصناعة الاستقرار
السودان بتعدديته العرقية، والثقافية، واللغوية، والدينية، والحزبية
وتداخلاتها وتقاطعاتها، يحتاج لنظام سياسي يستوعب هذا الكم الهائل من التعدديات،
بعد أن فشلت كل التجارب السابقة في خلق نظام سياسي أو توافق سياسي يقود للاستقرار.
لذلك النظام السياسي القادم لابد له إن يحقق انسجاما وتحالفات بين تلك التعدديات،
وبالتالي يكون هو النظام الملائم لحكم السودان.
من خلال ماسبق هل يستمر النظام البرلماني،
أم يأتي النظام الرئاسي، هل تبقى الفدرالية كنموذج للحكم. لذلك لابد من اخضاع تلك
النماذج للدراسة واسقاطها على المكونات السودانية مع الوضع في الاعتبار المستجدات
التي طرأت على المجتمع، والحراك الداخلي الدولي والإقليمي .وأسباب فشل التجارب
السياسية خلال الحقب المختلفة التي حكمت السودان، مع مراعاة التطور السياسي للنظام
السياسي السوداني.
يقوم النظام البرلماني على سلطة
تشريعية (برلمان) منتخب من قبل الشعب، وسلطة تنفيذية (رأس دولة ومجلس وزراء) ويقوم
على مبدأ فصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية وتتكون السلطة التنفيذية في هذا
النظام البرلماني من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء، ويلاحظ عدم مسئولية
رئيس الدولة أمام البرلمان، أما مجلس الوزراء ويكون مسئولاً أمام البرلمان
.فالسلطة التنفيذية لها حق دعوة البرلمان للانعقاد وحله، فيما يحق للبرلمان
استجواب الوزراء، لذلك يقوم النظام البرلماني على التوازن بين السلطتين، وهو نظام
مرن وغير جامد، ولكنه يحتاج للانضباط الحزبي لان الحزب الغالب في البرلمان هو الذي
يشكل الحكومة وبالتالي الحكومة تتمتع بالأغلبية في البرلمان.
الحكومة لابد أن تنال ثقة البرلمان، و رئيس
الوزراء يعين من رأس الدولة لتشكيل الحكومة، وقد أثبتت التجارب الديمقراطية في
السودان فشل هذا النظام. لأن التعددية الحزبية توسع من صلاحيات رأس الدولة في
النظام البرلماني كما أن الحكومة لاتمارس السلطة إلا بعد موافقة البرلمان وسحب
الثقة يترتب عليه سقوط الحكومة .
أدى النظام البرلماني إلى عدم استقرار
الحكومة .
· الاتجاهات الحزبية المعارضة والمتضاربة يؤدي لصعوبة الحصول على تأييد
قوى للحكومة .
· الحكومة خاضعة لتأثير جماعات مصالح مهمة وتكون الولاءات الحزبية
الضيقة طافية على السطح .
· نظام غير فعال يحتاج إلى وعي وإدراك سياسين عاليين إضافة إلى تعميق
التجربة الحزبية .
أما النظام الرئاسي فيقوم على وجود
رئيس دولة منتخب من قبل الشعب مباشرة أو غير مباشرة ويجمع بين رئيس الدولة ورئيس
الحكومة، وهذا يحقق المساواة بين السلطة التنفيذية والتشريعية .ويكون هنا جمع بين
سلطة رئيس الحكومة ورئيس الدولة. ويقف الرئيس على قدم المساواة أمام البرلمان، ولا
يحاسب الوزراء أمام البرلمان، ولايجوز سحب الثقة منهم، ولايملك رئيس الدولة الحق
في دعوة البرلمان للانعقاد العادي أو فض دورته أوحله. فالتوازن بين السلطات الثلاث
يقوم على مواد دستورية تخلق نوعا من الرقابة والتوازن المتبادل.
أما النظام الفدرالي فمن شأنه أن ييسر
معالجة القضايا الحيوية التي لا يحسمها عدد الاصوات ولابد للمكون المحلي أن يكون
له دور في حلها. فالنظام الفدرالي تكون فيه السلطات مقسمة دستوريا بين حكومة
مركزية (فدرالية) أو (اتحادية) وحكومات ولايات أو أقاليم، ويكون كلا المستويين من
الحكومة معتمدا على الآخر، ويتقاسمان السيادة في الدولة، أما ما يخص الولايات
والأقاليم فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها
التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويكون ذلك منصوصا عليه في دستور الدولة، بحيث لا
يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
هذا يضمن توزيع السلطات، ويجسد نظام
الحكم تقسيما كبيرا في السلطات بين المركز والأقاليم أو الولايات، وأن يستقي
النظام الفدرالي سلطاته من الدستور وهو السلطة العليا.
إذن الفدرالية توفر نظاماً دستورياً
قوياً تستند إليه التعددية، وتعزز الديمقراطية النيابية عبر توفير مواطنة مزدوجة
في مجتمع جمهوري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق