للعقلاء فقط
إقرأ
..إبحث.. علق
الاستراتيجية والأمن القومي مفتاح الاستقرار السياسي
تنطوي البيئة
الأمنية في القرن الحادي وعشرين على تهديدات
لمصالح الأمن القومي للدولة رغم الأصوات التي تقول أن عصر الدولة القومية
قد أنتهى عقب إنهيار الاتحاد السوفيتي، ونهاية الحرب الباردة. هذا الحديث سابق
لأوانه وإن كان اهتمام النظام العالمي
تحول نحو الأمن الإنساني وحقوق الإنسان ، وأصبح هو أساس الحكم
والاستقرار الأمني الذي ينبع من
الاستقرار السياسي الذي أضحى أساسه الفرد
وليس نظام الحكم. ولكن الشعور القومي لا زال مصدراً للصراع والاستقرار معاً في
النظام العالمي مع السعي إلى توازن جديد يضمن درجة معقولة للاستقرار . فأصبحت الولايات المتحدة في
عهد ترامب ليس الحليف الاستراتيجي والخيار الوحيد لتحالفات الدول ، ولاح في الأفق صعود أنظمة أنظمة وكتل
سياسية وإقتصادية جديدة كما هو الحال تصاعد الدور الروسي ، ودول الابركس ، علاوة
على حالة السيولة السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشرق ووسط أسيا .
هذا الوضع يجعل
البيئة الاستراتيجية أكثر خطورة وأكثر غموضاً وتعقيداً، وبالتالي مناخاَ
استراتيجياً جديداً يتطلب فكراً استراتيجياً عميقاً. يستصحب الفرصة التي أوجدتها
البيئة الاستراتيجية عقب نهاية الحرب الباردة ، والتشكيل الدولي الجديد الذي تبنت
فيه الكتل السياسية موقفاً جديداً مغايراً لرؤى الولايات المتحدة الأمريكية رغم
التحالفات الهشة التي أنتهجتها في تنفيذ سياساتها الخارجية. علاوة على اتخاذ بعض
الدول لاسيما الأوربية مساراً استراتيجياً مختلفاً عن المسار الأمريكي.
تتسم الحقبة
الجديدة بمستجدات لأن البيئة الاستراتيجية الجديدة لم تشهد استقرار سياسي أو صيغة
مقبولة لإرساء الاستقرار في النظام العالمي. لذلك هذا الوضع يؤكد أن الاستراتيجية
هي التي تساعد على الترتيب الجيد ونظم
الفكر لفهم إعماق تغيرات البيئة
الاستراتيجية وتغيراتها وثوابتها وقضاياها
وفرصها وتهديداتها وإعادة التفكير في رغباتها ، ورغبات الدول ورغبات خصومها. وهذه
من ثوابت ومجالات الأمن القومي ، وتمثل الاستراتيجية الإطار المرجعي لصناعة
ومراجعة السياسات الاستراتيجية المناسبة، وتمكين الأمن القومي من تقديم ايجابيات
سياسية بعينها أو استراتيجية معينة.
تستند
الاستراتيجية وتهدف لتحقيق الأمن عند صياغتها، باعتبار أن الأمن يُعتبر من أهم المؤثرات
والعوامل الاساسية لقوة الدولة الشاملة.كما أن مضمون وطبيعة أهداف الأمن القومي هي
المترتكزات التي يعتمد عليها عند صياغة الاستراتيجية. وتمثل مجموعة القيم المتبناه
داخل الدولة والمقترنة برغبة مؤكدة لتحقيقها ، وتكون موضع اهتمام ومشاركة الجانب
الأكبر من مواطني الدولة، هي ذات الأهداف التي تمثل أهداف طبيعة ومضمون الأمن
القومي. وتكون الأجهزة التنفيذية للدولة مسؤلة عن تبني هذه الأهداف وتخصص الموارد
لتنفيذها، وتتحدد هذه الأهداف في ضوء مجموعة من المؤثرات التي تتمثل في التجارب
التاريخية للدولة وانعكاساتها الاجتماعية والوضع الجغرافي . وتؤثر تلك العوامل مجتمعة على طبيعة واتجاهات أهداف الأمن القومي لتلك
الدولة. وهذا يقود إلى المصلحة الوطنية للدول وتُعرف على أنها الحاجات والرغبات
التي تُدركها الدولة والتي تُعبر أساساً لرسم الاستراتيجية القومية، وعلى هذا
الاساس فالمصلحة الوطنية وأهداف الأمن القومي تمثل الإطار العريض التي تنطلق منه
الاستراتيجية بقصد تحديد الاساليب والأدوات التي يُمكن من خلالها تنفيذ الأهداف
الموضوعة، أمام مقومات وعناصر القوة الشاملة للدولة فهي تقدم الموارد والإمكانيات
المختلفة التي من خلالها يتم توفير عنصر التخصيص المادي للموارد لتحقيق الأهداف
القومية، وفي النهاية تمثل الاستراتيجية محصلة موضوعية للعلاقة بين الأهداف
الموضوعية والإمكانيات المتاحة بحيث تكون الاستراتيجية أفضل صيغة ممكنة لتوظيف
الموارد والأدوات المتاحة لتنفيذ الأهداف القومية وصولاً لتحقيق الغاية القومية
العليا للدولة.وبالتالي تعني استخدام كل قوى الأمة في ظروب السلم والحرب لنحقيق
الأهدلف القومية، وهذا يعني توجيه الاستراتيجيات الداخلية والخارجية والتنسيق
بينها بهدف تأمين الأمن ابقومي للدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق