للعقلاء فقط
إقرأ
..إبحث.. علق
لمن تكون الهيمنة؟
ظل الحراك الشعبي الذي عم المنطقة
العربية التي كانت تتمحور حول الممانعة والإعتدال عقب الحرب العالمية الثانية، هو
السمة الأبرز للحالة السياسية والأمنية للدول.فالحروب والإقتتال الدائر في منطقة
الشرق الأوسط مردة الثورات العربية وهبة الشعوب في وجه أنظمتها القائمة.قابل ذلك
أطماع لدول كبرى في مقدرات لدول المنطقة وخيراتها.قد أدى إنجراف بعض الدول في حروب لا
مبرر لها فيما بينها.وأضحت المنطقة سوق رائجة لتجارة السلاح للدول الغربية. وهذا
قدراً لمنطقتنا ،ولكن نذكر أن الدول الغربية وخاصة الأوروبية قد سبقتنا في ذلك ،
ولكنها استفادت من الدروس والعبر، حيث وقف الأوروبيون متأملين بعمق إبان الحرب
الأوروبية –الأوروبية ، خصوصاً أن الحرب لم تود فقط إلى دمار أوروبا ووضع حد للهيمنة البريطانية والفرنسية، وإنما
وضعت كل أوروبا الغربية تحت الهيمنة الأمريكية.
لقد أدركت أوروبا من الصعب على
الدول الأوروبية التي أنهكتها الحرب وكبلتها قيود(مشروع مارشال) أن تجاري الأوضاع الدولية الجديدة. ولابد من
خيارات جديدة تخلط بين السياسة والإقتصاد بعيداً عن الاتجاهات العسكرية والتسليح
المفرط الذي يستنزف ميزانيات الدول، ويبدد الطاقات. فإن أفضل الطرق إحلال الأمن
وتوحيد القارة وهو طريق التكامل الإقتصادي أو الإندماج الإقليمي[1].
عملت مؤتمرات الأوروبيون على تحويل
الصراع إلى تفاوض وحوار وتقدم نحو الأمن الجماعي. هذا الأمر قلل من التأثير
الأمريكي على الشئون الأوروبية. مما قاد إلى الأمن الجماعي الشامل.
كانت ديباجة
الأمن الجماعي التي أقرها الأوروبيون تقول: من مقتضيات الأمن الجماعي تأكيد على
مبدأ أن السلام لا يتجزأ وضرورة إلتزام الدول بقواعد القانون الدولي وقيم السلام
العالمي، وحق الشعوب في حق تقرير المصيرها وأختيار نظمها السياسية بما يلائم
خصائصها الوطنية.
اعتبرت الدول الأوروبية اشاعة السلم
وحماية الاتفاقيات والمعاهدات ، وبناء علاقات أوروبية قائمة على عدم التدخل في
الشئون الداخلية واحترام السيادة والاستقلال. استمر هذا الوضع طوال فترة الحرب
الباردة. وعقب الحرب الباردة وجدت أوروبا لها وضعية خاصة بها في ظل الهيمنة
الأمريكية .ونجت أوروبا من الخطاب الأمريكي لتعزيز هيمنتها والتي استندت فيه على
وجود عدوء تمكن من خلاله الهيمنة واحتكارها. وكانت سياسة أمريكا في ذلك الوقت حسب
ما جاء في خطاب جورج بوش الذي ألقاه أمام الكليات الحربية في يونيو2002، وشدد فيه
على أن مبادي الحرب الباردة القائمة على الردع والإحتواء لم تعُد كافية للولايات
المتحدة الأمريكية، وإنما الآن وصاعداً يجب أن ننقل المعركة إلى أرض العدو (الحرب
الاستباقية). وهنا يبرز سؤال ما هو العدو المقصود. ألم يكن المقصود هو العالم
العربي والإسلامي.
طُرح هذا السرد وجامعة الدول العربية التي
قامت لنفس الأغراض التي قام عليها الإتحاد الأوروبي تجتمع لتقر بشأن التدخلات
الخارجية في شئون الدول العربية عقب الثورات العربية. فالنظار للأمر تنتابه الحيرة
والحسرة على ما آلت عليه حالة الأمن العربي والإسلامي والدور المتراجع لجامعة
الدول العربية ورابطة العالم الإسلامي. وكان من المفترض أن تتكامل أدوار الجامعة
العربية مع رابطة الدول الإسلامية لتحقيق الأمن الإقليمي. يرجع عدم نجاح نظام
الأمن الإقليمي العربي أو حتى الإسلامي
نتيجة لعدم إلتزام أعضاء الجامعة العربية بحفظ السلم في نطاق عملها ومواجهة
التهديدات النابعة منه. فأثر الصراع على مصالح دول الإقليم.
إذا تابعنا الواقع أن جامعة الدول
العربية تتأثر بالهيمنة الأمريكية. الأمر الذي مهد لنجاح الاستراتيجية الأمريكية
في محربة أعداءها ونقل المعركة إلى أرض العدو وانسحابها من المواجهة المباشرة ،
وترك دول المنطقة تتقاتل فيما بينها لحماية المصالح الأمريكية.الأمر الذي برع فيه الرئيس
الأمريكي ترامب!.وبالتالي إنتهت مسألت الممانعة والإعتدال ، وحلت محلها
التحالفات التآمرية بين الدول العربية خاصة والإسلامية عامةفي سعي كل منها
للهيمنة والصيد في الحالة السائلة للأمن العربي والإقليمي. في وقت ولجت جامعة
الدول العربية معترك المحورية دون حفظ الأمن الجماعي للدول المكونة لها.ومالت الجامعة
لمحور دون الأخر. ولم تستفد من الخطوات الأوروبية والبحث عن خيارات جديدة تواجه
بها الهيمنة الأحادية في العالم رغم توفر السبل والخيارات التي لم تكن تمتلكها
أوروبا . ولكن لغة المحاور للهيمنة هي أس البلاء.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل في
مقدور الدول العربية عبر جامعتها على قدر التحدي ، وأن تجد خيارات جديد بعد إنهاء
الحرب المشتعلة بين دولها؟. أم تسير على درب أحد المحورين المتصارعين بين الدول
العربية والاسلامية على فرض القوة والهيمنة ، في وقت تركت فيه العبث يستشري بمقدرات وقضايا
الأمة العربية وأمنها ؟. يبدو أنها غير قادرة على الحفاظ أعضاءها ومكوناتها في ظل
عدم تعرفها على عدوءها الحقيقي وقضاياها التي تحتاج إلى قرارات تحقق أمنها
الجماعي.كما يبدو أنها مشغولة بتعزيز هيمنة دول معينة على المشهد العربي وصب الزيت
على نار محفزات إتساع رقعة الصراع العربي –العربي والعربي –الإسلامي. ولكن مؤشرات
الهيمنة تتجه نحو دول غير عربية في ظل الوضع العربي الحالي.
[1] -ناظم عبدالواحد الجاسور،
تأثير العلاقات الأمريكية الأوروبية على قضايا الأمة العربية- حقبة ما بعد نهاية
الحرب الباردة، مركز دراسات الوحدة العربية- بيروت 2007،ص 59
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق