ترامب مُنفذ الاستراتيجية الإسرائيلية
أمس القدس واليوم الجولان وغداً سيناء!
وعين تل أبيب على الجنوب اللبناني!
تدير الولايات
المتحدة الأمريكية الاستراتيجية الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط بهدوء، وبدأ
ترامب تنفيذ مخططات إسرائيل وتوجهات نيتنياهو التي تهدف لقيام الإمبراطورية
الإسرائيلية من النيل للفرات. في ظل تناحر عربي إسلامي حول السلطة في الداخل
ونزاعات بين بعض الدول فيما بينها حول بعض القضايا الهامشية التي تخدم
الاستراتيجية الغربية وتركز على عدم
التوافق العربي والإسلامي، والإرباك السياسي للحيلولة دون وضع استراتيجية حول
القضايا المصيرية للأمة العربية والإسلامية. في وقت كرر ترامب مقولة " أن
“إسرائيل صديق قوي، ونحن بجانبها، وندافع عن حقها في التعايش مع جيرانها في أمن
وسلام".
استغل ترامب الوضع
المتردي في قوة الأمة العربية وقدرتها على أحداث فارق يؤثر أو يقف أمام أي خطوات
عملية يقوم بها لصالح إسرائيل.في وقت إكتفى العرب والمسلمين بالإداء والشجب على
الورق في مواجهة الخطوات العملية والفعلية في تنفيذ الإسراتيجية الأمريكية
الإسرائيلية.حيث اتخذ ترامب قراراً بنقل سفارته للقدس واعترافه أنها عاصمة أبدية
لإسرائيل رغم الانتقادلت الدولية الواسعة
دون اتخاذ حطوات عملية تجاه ذلك الفعل الذي أُعتبر إجراء مخالفاً للقانون الدولي
(أي قانون دولي). ولم يجرؤ أحد من العالم العربي
أو الإسلامي أن يتخذ حطوات عملية . وسارت العملية وأصبحت واقعاً دون أي
تقدير من قبل واشنطن لعواصم الدول العربية والإسلامية التي تتحالف مع واشنطن، بل
هرولت سراً وعلاتية للإعتزار عن الإدانات
والاستنكارات الشعوب. فيما ذهب البعض في الداخل الأمريكي ووصف ترامب أنه رئيس
متهور ، وأدخل أمريكا وعلاقاتها الدولية في نفق مظلم . ولكن الأمر ليس كذلك وأن
ترامب رئيس شاطر وله أهداف محددة جاء من أجلها، أولها "أمريكا أولاً"
ولايهمه أي شيء أخر غير أمريكا ، وأن أمريكا هي قائدة العالم أمر يكلف أمريكا
كثيراً ويخصم من رفاهية الشعب الامريكي ، ومسألة الأخلاق والوقوف بجانب الحلفاء
وحماية الغير أمر كارثي للشعب الأمريكي ، إلا إذا صب في مبدأ "أمريكا
أولاً" ويصب في خدمة المصالح الأمريكية. أما الهدف الثاني هو حماية الحليف
الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية (إسرائيل). ويقوم بكل ما في وسعه أن يخدم
الدولة الإسرائيلية ولو كان ذلك خصماً من مصلحة الشعب الأمريكي.
لم يقف عند هذا
الحد ، بل اتجه أكثر تقدماً في خدمة إسرائيل وتوسعها وتحقيق حلمها أن تكون
إمبراطورية عظمى في المنطقة، فأعلن حسب الطلب الذي تقدم به نتياهو " يجيب أن
يعلن ترامب والإدارة الأمريكية ضم هضبة الجولان للسيادة الإسرائيلية. لم يتردد
ترامب في الاستجابة لذلك الطلب ، ووقع على
قرار بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان. أثار هذا القرار اعتراف ترامب هذا ، موجة
رفض وتحذيرات إقليمية ودولية. ووصف ترامب بهذا القرار أنه منتهكاً لقرارات مجلس
الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981، الذي يؤكد الوضع القانوني للجولان السوري كأرض
محتلة، ويرفض قرار ضم إسرائيل لها، عام 1981م. كما رفض الاتحاد الأوروبي قرار
احتراف ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية . فيما وصفتها الجامعة
العربية أنها جريمة كبرى وخروجاً عن القانون الدولي روحاً ونصاً تقلل من مكانة
الولايات المتحدة الأمريكية. وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية
الدولية إن ترامب يستعد لتدمير القانون الدولي الذي يحمي سكان الجولان المحتل. من
جانبها أدانت الدول العربية والإسلامية القرار الأمريكي ، ودعت المجتمع الدولي إلى
احترام المبادئ الأساسية للأمم المتحدة. حزرت روسيا إن قرار ترامب بسيادة إسرائيل
على هضبة الجولان “يتناقض مع القوانين الدولية”، “قد يؤدي إلى تصعيد التوتر بمنطقة
الشرق الأوسط. وثارت الصين في اتجاه روسيا ، وأكدت الخبراء الصينيون المهتمون
بشؤون الشرق الأوسط أن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن الجولان تكشف مجددا عن انحياز
الولايات المتحدة الواضح لإسرائيل، متوقعين أن تزيد من حالة عدم الاستقرار التي
تسود منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات.
أما سوريا التي
لاحول ولاقوة لها استنكرت ورفضت القرار الأمريكي وحذر من أن "هذه السياسة
العدوانية الأمريكية تجعل من المنطقة والعالم عرضة لكل الأخطار"، وشددت على
أنه من حق سوريا العمل على تحرير الجولان "بكل الوسائل المتاحة”.فالأمر أصبح واضحاً
، أن ترامب لايراعي أي غعتبار لما يقوله المجتمع الدولي أو أهل الشأن العرب
والمسلمين ، بل ينفذ ما تريده الدولة
الخارجة عن القانون الدولي والأعراف الدولية ،حليفته إسرائيل. ويؤكد ترامب بهذه
القرارات أن الحقائق التاريخية والجغرافية للأرض السورية وحقوق الشعب العربي
السوري في الجولان المحتل لا مجال لها الأن في العلاقات والتحالفات الدولية . كما
أكدالقرار أن "إدارة ترامب لن تعلى جهداً في عمل تريدة إسرائيل ، أو القيام
بعمل ضد رغبات الشعب الإسرائيلي.
إن استراتيجية
الأمريكية في الشرق الأوسط هي أن تكون إسرائيل إمبراطورية عظمى مسيطرة على المنطقة
وحامية للمصالح الأمريكية ، خاصة وأن إدارة الإقتصاد الأمريكي تحكمة اللوبيات
ومجموعات الضغط الإسرائيلية واليهودية. لذلك كانت خطوات واشنطن منذ قديم الزمان
تصب في ذلك الاتجاه ، دون من فكر استراتيجي عربي إسلامي يقف في وجه هذه
الاستراتيجية ، بل انجرفت دول المنطقة بعلمها أو دون علمها وراء السياسية
الأمريكية وكانت دول المنطقة هي العضد والسند والمطية لتنفيذ السياسة الأمركية.
وكان الرؤساء الأمركان ينفذون ما تريده إسرائيل وكن بحياء، عدا ترامب الذي كان
واضحاً في تنفيذ ما تريده إسرائيل . فلأعترف بالقدس الشرقية والغربية عاصمة أبدية
لإسرائيل ، ثم أردف ذلك باعترافه بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية. كما
تجري الترتيبات والمساومات مع مصر لأكمال
تبعية سيناء لإسرائيل ، ونعلم أن هناك اتفاق ما على إدارة سيناء بين الجانب المصري
والإسرائيلي. وربما تطالب أمريكا أن تتنازل مصر عن سيناء لصالح إسرائيل لحفظ الأمن
والسلم فيها ، خاصة وأن المنطقة تعتبرها إسرائيل من مهددات أمنها واستقرارها. وليس
صفقة الجزر التي تقع على البحر الأحمر المتاخمة لإسرائيل شاهدة على ما ذهبنا إليه.
لم يكتف ترامب بذلك
في تأمين إسرائيل وتوسعها عبر الأراضي العربية، في خطوة غير مفاجئة أرسل ترامب
وزير خارجيته إلى لبنان ، وطالب أن تتخذ موقف واضح متشدد من حزب الله بأعتباره
مهدد لإسرائيل. وهذ يؤشر أنه طلب تل أبيب وأن عينها مستقبلاً على الجنوب اللبناني
وضمه إليها في إطار حملتها التوسعية. رغم أن طلب مبومبيو لبيروت وجه بالرفض
بأعتبار حزب الله ، هو حزب سياسي لبناني له وجوده في الساحة السياسية والمشهد
السياسي اللبناني. وهو جزء مؤثر في المنظومة السياسية اللبنانية.
رغم ما اُعتبر طلب
ترامب فيه شيء من الوقاحة السياسية. وكن يبدو الأمر أن ترامب يسابق الزمن لقرب
الانتخابات التجديدة الأمريكية في 2020، لكسب مزيداً من الأصوات التي تساعده في
ولاية ثانية وينفذ كل ما تريده إسرائيل . فخطوات ترامب أنه الرئيس الأمريكي الذي
ينفذ كل السياسات والاستراتيجيات في الشرق الأوسط ، فبدأ بالقدس وأردفها بالجولان
وغداً سيناء والعين على الجنوب اللبناني. فماهي الخطوات العملية للقمة العربية
الثلاثين ؟، وما أنتم فاعلون؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق