المدنية في العالم العربي
عن أي مدنية يتحدثون!؟
تسعى كثير من
الدول العربية إلى تعزيز دور الجيوش في الممارسة السياسية بإعتبارها الضامن القوي
للأستقرار السياسي والحفاظ على المسار الدستوري ومدنية الدولة وديمقراطيتها ومنعها
من السقوط. وهنا يبرز سؤال ، ما هي الجهة التي يمنعها الجيش من محاولة سقوط الدولة
المدنية والديمقراطية؟.هل هي الشعب الثائر ،أم هناك جهات آخرى تسعى لسقوط
ديمقراطية الدولة.
من الثابت أن
الدولة المدنية هي الدولة التي يشارك في إدارتها وعمليتها السياسية كل مؤسسات
الدولة ومكوناتها دون إقصاء.ولتقريب المعنى معالجة العلاقة المدنية العسكرية.
ويمكن أن نفهم أن المدنية التي ينادي بها الشباب الثائر، والتي تعني في نظرهم
إبعاد القوات المسلحة من ممارسة العمل السياسي.وعليهم حماية المدنية وحراستها أي
إبتعاد الجيوش من الإنقلابات العسكرية التي تقوض العملية الديمقراطية. ولكننا لن
نفهم أن حكومة عسكرية إنقلبت على الديمقراطية والحكومة المنتخبة من الشعب،وتعدل
دستورها لتمكين وتعزيز قبضة الجيوش و السيطرة على الحكم !؟، وتقول ذلك بهدف صون
والحفاظ على الديمقراطية وحريات الشعوب والأفراد.
انفراد أي مكون
من مكونات السياسية أو العسكرية بالسلطة والحكم وعدم فتح المجال للأخرين ،
للمشاركة في العملية السياسية ومحاولة الإقصاء ،هذا يتعارض مع الدولة المدنية
بمفهومها الأكاديمي والاستراتيجي الرصين. فالبلطة السياسية تقرر مفاهيم عن المدنية
غير معروفة في القاموس السياسي المتعارف عليه.
عملية التحول
الديمقراطي هي عملية ممتدة وقد تشمل عمليات ولها ارتداداتها ، ولكنه تحقق النجاح
المطلوب بشرط أن تعالج الفترة الإنتقالية وتتصدى القوى السياسية لمعالجة القضايا
الشائكة وعلى رأسها العلاقة المدنية العسكرية. ولايجب فتح كل الملفات القديمة في آن
واحد.وبالتالي تكون المدنية هي عدم خضوع طرف مدني على طرف عسكري.ولا يمكن لحكم
عسكري قابض ولم يفسح المجال للقوى السياسية أو الاجتماعي ممارسة العمل السياسي ولا
يفهم أن يكون الجيش هو حامي وحارث الديمقراطية ، إلا إذا كان هنالك معنى أخر
للديمقراطية لم تتطرق إليه الأضابير المعاجم السياسية والأكاديمية.
هذه مشكلة قادة
العالم العربي الذي يتحدثون عن الديمقراطية والدولة المدنية في ظل حكومات عسكرية
قابضة على زمام الأمور السياسية دون غيرها ، وتقول أنها حامية للديمقراطية والدولة
المدنية . ويمكن أن نسأل أي مدنية وديمقراطية يتحدثون!؟.