الاستراتيجية الإعلامية لرفع الوعي المجتمعي
تجاه التحديات والمهددات السيبرانية
في
العالم العربي والإسلامي
د. شمس الهدى إبراهيم إدريس
دواعي الورقة:
التحولات
التي طرأت على العالم العربي والإسلامي منذ 2011م ، واعادت الشباب إلى الواجهة عبر
الفضاء السيبراني الذي ساعد وأوجد البديل لممارسة العمل السياسي والإجتماعي
والتعبير عن رأيهم ، والبحث عن الآليات التي تضمن لهم ممارسة حقهم بعد أن فشلت
الحكومات في فتح المجال لهم لتحقيق ذواتهم.
استغلت
الدول التي تسعى إلى النيل من عالمنا سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكرياً هذا
المدخل للتأثير على شعوبنا المتلقية
للرسالة الإعلامية، في ظل تقاعس إعلامنا لمواجهة تلك الرسالة الإعلامية
"المسمومة". مما يدعو إلى استراتيجية إعلامية مجتمعية متكاملة ، لاسيما
استراتيجية إعلامية لرفع الوعي المجتمعي تجاه التحديات والمهددات السيبرانية.
مقدمة:
أصبح
العالم في هذا العصر أكثر إعتماداً على التكولوجيا، الأمر الذي جعل
المجتمع عرضة للمخاطر السيبرانية بكل أشكالها ووسائلها.رغم تجسيرها للفجوات
التنموية ، .مما أدي إلى أن تبحث المجتمعات الإنسانية إلى التوازن والإتزان
الاجتماعي في ظل الثورة الرقمية التي انتفى فيها المكان والزمان.فالإنسان
الأن يعيش في عهد المجتمع الرقمي.وبالتالي هو محور الصراع ، فتحصينه
يتوقف على الوعي الأمني الذي يبدأ بالفرد ثم يمتد إلى المجتمع.
تقع
على عاتق الإعلام مسؤولية لتحقيق الأمن المجتمعي في ظل ثورة المعلومات والاتصالات
من خلال توعية المجتمع بالتعامل مع المحتويات والمضامين التي يبثها الإعلام بمختلف
وسائله، وذلك عبر صناعة محتوى توعوي يسهم في تمتين الوعي الفكري والتربية
الإعلامية الرقمية الصحيحة التي تحقق المصلحة الوطنية والأمن المجتمعي والاستراتيجية
القومية.ومواكبة روح العصر بعيداً عن الاستمالة والإغراء والإقواء.
تُعتبر
الاستراتيجية الإعلامية تجاه التحديات والتهديدات السيبرانية من أهم الاستراتيجيات
لعالمنا العربي والإسلامي الذي يواجه الإفرازات السالبة في البيئة
الداخلية والخارجية نتيجة صراع استراتيجيات الدول الكبرى لتحقيق مصالحها. ذلك
الصراع الذي إنتقل من الأرض إلى
الفضاء ، وأصبح ملاذاً ومخبأً للجرائم الإلكترونية.
تتبع الدراسة المنهج التحليلي والوصفي والاستقرائي والاستقصائي
والاحصائي.
تهدف الورقة للتبصير بالتدابير الوقائية والاحترازية التي
تحصن المجتمع من الاختراق الأمني والإخلاقي والقيمي ، و الاستفادة من
الاستخدام الرقمي وتطوره وتوجيهه
لخدمة المجتمع .في ظل الجرائم السيبرانية المتزايدة والمتطورة من إرهاب وتطرف وغزو
ثقافي يقدح في هوية الأمة وأمنها الاجتماعي والثقافي،علاوة على تقديم رؤية
استراتيجية استشرافية عن دور الاعلام في الامن المجتمعي .مما يتطلب تخطيطاً دقيقاً
واستشرافياً لتحصين مجتمعنا العربي والإسلامي.وتوعيته لتأمين وحماية المعلومات من
الأختراق وسوء الاستخدام، كهدف استراتيجي في الصراعات الحضارية والثقافية
والاجتماعية.والتأثير على المجتمعات والتشويش عليها.
تفترض الدراسة أن العالم العربي
والاسلامي يواجه التحديات والمهددات السبيرانية.كما تفترض أن العالم العربي
والاسلامي يحتاج لاستراتيجية إعلامية توعوية للامن المجتمعي .علاوة على أن للإعلام
دور فعال في التوعية المجتمعية.
يتطلب
ذلك دراسة تتضمن المفاهيم الاعلامية والسيبرانية، وعلاقة الإعلام بالأمن المجتمعي
وإرتباطه بالتربية الإعلامية الرقمية،علاوة على معرفة التحديات ونقاط القوة ونقاط
الضعف في مجتمعاتنا ، والمهددات التي تواجهنا في ظل الصراعات الاستراتيجية .ويتم
الاستعانة في التحليل باستبانة واستطلاع لأخذ
رأي المختصين في المجالات ذات الصلة.وتجمع الدراسة بين الجانب النظري والجانب
التطبيقي.
خلاصة
النتائج أن الاستراتيجية الإعلامية
المبنية على دراسة الواقع الدقيق هي التي تسهم في تنمية ورفع الوعي الأمني
للمجتمعات تجاه المهددات والتحديات والمخاطر.
مفهوم وأهمية الإعلام وأقسامه
الإعلام وسيلة تعمل على تزويد الناس
بالأخبار والمعلومات والحقائق التي تساعدهم على تكوين رأي في واقعة من الوقائع
تشغل تفكيرهم سواء على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.والغاية من الإعلام هي
الإقناع عبر عملية إعلامية تتكون من مرسل ورسالة ووسيلة إرسال ومستقبل وتفاعل وأثر[1].
تُعتبر الرسالة الإعلامية العنصر الأساسي والمؤثر في العملية
الإعلامية ، مهمتها التعريف بقضايا
المجتمع ومعالجة التحديات التي تواجه الوطن والدور المعول عليه خلال المرحلة
الراهنة، المتمثل في صد الشائعات والرسالة الهدامة التي تؤثر على المجتمع وتروج
لها قوى العدوان في إطار حربها النفسية الهادفة لكسر إرادة الشعوب وإخضاعها والهيمنة والوصاية
عليها.
ينقسم الإعلام إلى أقسام عديدة ، أهمها وأحدثها الإعلام الرقمي
(السيبراني) ، ويحمل نوعين من الرسائل، إما مضللة أو موضوعية . فالرسالة الإعلامية
لاتخلو من غرض إذا كانت شكل خبر أوفكاهة أوبرنامج هدفها إزالة قيم وتثبيت أخرى أو
ترسيخ شيء قائم أو التصدي إلى أخر
قادم.وهذا مفهوم التنشئة الاجتماعية في أبسط صورها[2]. أو ما تعارف علية بالإعلام
الاجتماعي.
انتشرت وسائل الإعلام وأصبح هو عماد المجتمع ومن الأشياء اليومية التي لايمكن الاستغناء عنها
، وتحول العالم إلى غرفة إلكترونية صغيرة بفضل وسائل الإعلام السيبراني الذي أضحى
المشكل الأول لذهنية أفراد المجتمع لاسيما
الشباب، كما لعب الفضاء السيبراني دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام وتعبئة
المجتمعات وحشد الآراء والأفكار وتوجيهها.
أثبتت الدراسات[3] أن (80%) من الرسائل الإعلامية عبر
الفضاء السيبراني تأتي من الدول الصناعية الكبرى مقابل (10- 20%)من البلدان
النامية. والخطورة هنا أن عالمنا العربي والإسلامي هو المتلقي لهذه الرسالة، أي
أنه في وضع المتأثر نتيجة للفوارق الاجتماعية والثقافية، بمايكون له آثار اجتماعية
وسياسية وبالتالي أمنية.وبالتالي أصبحت تلك الفوراق هي مدخل الصراعات الاستراتيجية
للدول الكبرى تجاه عالمنا العربي والإسلامي. فكان التركيز على الإعلام السيبراني
لما له علاقة وطيدة بينه وبين التنشئة
الاجتماعية للشباب وبالتالي تشكيل الرأي العام المراد تحقيقة لخدمة مصالح تلك
الدول ذات الرسالة الإعلامية الموجهة.
مفهوم الإعلام الأمني
الإعلام
الأمني هو استخدام وسائل الإعلام بغرض زيادة فاعلية ما يصدر عن جهات الأمن
والترويج للنشاطات الأمنية عبر وسائل الإعلام للمختلفة ، لتوعية أكبر قدر من
المواطنين توعية أمنية متوازنة وفق أسس علمية واضحة لتحقيق هدف أمني[4].
عموماً:
الإعلام الأمني هو مجموعة من الأنشطة الإعلامية المعدة لإيصال رسائل إعلامية ،تهدف إلى إخبار الجمهور أو قطاع معين بموضوعات تخص الأمن الإنساني عبر
وسائل الإعلام كل حسب بيئته والوسيلة المتاحة ،لاسيما وسائل الاتصال
الحديثة.لتحقيق التأثير والفاعلية ما يصدر من الجهات الأمنية ، ونشاطات ذات طابع
أمني، وهونوع من الإعلام له فلسفته ومقاصده الخاصة
مفهوم
الأمن المجتمعي
حالة الاطمئنان التي يشعر بها أفراد المجتمع ، الناتجة عن
مساهمة مؤسسات التنشئة الاجتماعية ، في تفعيل جميع الاستراتيجيات ، والإمكانيات ،
والممارسات التي تحقق للفرد الشعور بعدم الخوف في حاضره ومستقبله . وتسعى إلى
حماية دينه ، ونفسه ، وعقله ، وماله ، وعرضه . وتؤكد له الاعتراف بوجوده ومكانته في
المجتمع ، وتتيح له المشاركة الايجابية المجتمعية .
دور الإعلام الأمني في المجتمع
للإعلام الأمني دور مهم في ترسيخ أمن المجتمعات واستقرارها. فهو يلبي حاجات
اجتماعية تسهم في التوعية والتثقيف والتوجيه والإرشاد للوقوف بوجه الظواهر
والمتغيرات الاجتماعية التي تطرأ على الفكر والسلوك والقيم. خاصة في ظل صراعات أيدولوجية وثقافية تهدف إلى بسط
الهيمنة والثقافات التي تخدم مصالح مرسل الرسالة. كما للإعلام الأمني دور مهم في التفاعل مع التحديات والتهديدات الموجهة
للأمن الإنساني. وبالتالي يحفظ أمن الدولة ثم الأمن الإقليمي إذا تم تطبيقه وفق
خطط مدروسة ومرتكزة على العديد من المبادي والقيم والثوابت التي تحقق الفهم
المشترك والتعاون، علاوة على تهيئة رأي عام مستنير وتعزيز جهود الوقاية لواجهة
التحديات والمهددات والمخاطر.وهذا يتطلب أن يساهم جميع أفراد المجتمع في أمن
مجتمعاتهم من خلال إدراك المهددات والمخاطر المحيطة, وتحمل مسئولياتهم الذاتية في
الحفاظ على الأمن العام, ومشاركة الجهات الأمنية في تحمل أعباء حفظ الأمن بما يعود
بالنفع على الفرد والأُسرة والمجتمع، وذلك بتنمية الحس الأمني والإبتعاد عن الهوس.
فالعلاقة بين الأمن والإعلام هي علاقة ارتباطيه، فالإعلام بوسائله المختلفة
المقروءة والمسموعة والمرئية يلعب دوراً بارزاً ويؤثر بفعالية في دعم نشر المعرفة
الأمنية.
مما يعني الإعلام الأمني المجتمعي واستخدامه بمهنية في ظل أن
الأمن الإنساني يمثل حجر الزاوية في العلاقة الدولية وحقوق الإنسان ومحور الصراعات
والأنشطة الإعلامية المخطط لها وما يتم إعدادة من رسائل إعلامية موجهة لها أهدافها
الاستراتيجية.
مفهوم الوعي الأمني
يُعرف على أنه مجموعة العمليات المتكاملة التي تقوم بها أجهزة
ووسائل الإعلام المتخصصة ، من أجل تحقيق أكبر قدر من التوازن الاجتماعي بغية
المحافظة على أمن الفرد وسلامته وسلامة
المجتمع[5]. وتبعاً لذلك أن دور الإعلام الأمني
يتحدد بمدى مشاركته في الحفاظ على أمن واستقرار المجتمع. فيقصد بالوعي الأمني نشر
التوعية بضرورة الأمن ومكافحة الجريمة والوقاية من الإنحراف.
مفهوم الإعلام السيبراني
اختلف الباحثين والعلماء حول تعريف الإعلام السيبراني ، ولكن
المفهوم ليس به اختلافات كثيرة ، ولكننا
سنركز على تعريف اللجنة العربية للإعلام فتعُرف الإعلام االسيبراني بأنه[6]: (الخدمات والنماذج الإعلامية
الجديدة التي تتيح نشأة وتطوير محتوى وسائل الإتصال الإعلامي آلياً أو شبه آلي في
العملية الإعلامية باستخدام التقنيات الالكترونية الحديثة الناتجة عن اندماج
تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات كنواقل إعلامية غنية بإمكاناتها في الشكل والمضمون
،ويشمل الاشارات والمعلومات والصور والأصوات المكونة لمواد اعلامية). ويمكن وضع تعريف مختصر للإعلام
الإلكتروني (هو نوع جديد من الإعلام ينشط في الفضاء الإفتراضي ويستخدم الوسائط
الالكترونية كأدوات له تديرها دول ومؤسسات وافراد بقدرات وإمكانيات متباينة، يتميز
بسرعة الانتشار وقلة التكلفة وشدة التأثير.
مفهوم الفضاء السيبراني:
عرفته
الوكالة الفرنسیة لأمن أنظمة الإعلام ANSSI[7] بأنه: "فضاء التواصل المشكّل من خلال الربط
البیني العالمي لمعدات المعالجة الآلیة للمعطیات الرقمیة". فهو بيئة تفاعلية حديثة، تشمل عناصر
مادية وغير مادية، مكوّن من مجموعة من الأجهزة الرقمية، وأنظمة الشبكات
والبرمجيات، والمستخدمين سواء مشغلين أو مستعملين.كما عرفت الهجمات السيبرانيةهي التي تقوّض
من قدرات ووظائف شبكة الكمبيوتر لغرض قومي أو سياسي، من خلال استغلال نقطة ضعف
معينة تُمكّن المهاجم من التلاعب بالمستهدف.
مفهوم الأمن السيبراتي
يُعتبر
الأمن السيبراني مجموع من الوسائل التقنية والإدارية التي يتم استخدامها لمنع
الاستخدام غير المصرح به على شبكات الكمبيوتر، وسوء الاستغلال واستعادة المعلومات
الالكترونية التي تحتويها بهدف ضمان واستمرار عمل نظم المعلومات وتأمين حماية وسرية
وخصوصية البيانات سواءً الخاصة بالأفراد او الجهات في الفضاء السيبراني.
الأمن
السيبراني هو "النشاط الذي يؤمن حماية الموارد البشرية والمالية المرتبطة
بتقنيات الاتصالات والمعلومات، ويضمن إمكانات الحد من الخسائر والأضرار التي تترتب
في حال تحقق المخاطر والتهديدات، كما يتيح إعادة الوضع إلى ما كان عليه بأسرع وقت
ممكن، بحيث لا تتوقف عجلة الإنتاج، وبحيث لا تتحول الأضرار إلى خسائر دائمة"[8].
مفهوم ودور التربية الإعلامية
كثر
الحديث في الغرب عن الواقع الإفتراضي
والجماعات الإفتراضية منذ ثمانينيات القرن الماضي ، وتعارف علية بمسمى البيئة
الإفتراضية ، وعرف عدد المفكرين والباحثين أن الواقع الإفتراضي هو محكاة الواقعة
التي تمثل وسيلة الفضاء السيبراني، وتشكيل الجماعات الحديثة[9]. فالجماعات الحديثة التي يركز عليها
الغرب هي الجماعات التي تتجاوز الجماعات القديمة بكل موروثاتها الثقافية والدينية
والاجتماعية. وتكون الثقافة الغربية هي البديل المرتجى للمنطقة العربية
والإسلامية. والناظر للأمر بعين فاحصة يلاحظ أنها قطعت شوطاً بعيداً في تحقيق أهدافها.
ومرد ذلك لم تكن هناك توعية مجتمعية للمخاطر والمهددات والاستفادة من الفرص التي
اتاجها الفضاء السيبراني لتعزيز الهوية العربية والإسلامية التي تواجه خطر
الإنجراف نحو الثقافة الغربية التي تسعي للهيمنة على المجتمعات أو ما اصطلح عليه
بصراع الحضارات. ما يحتاج الأمر إلى مسارين استراتيجيين، الأول: لمواجهة
التحديات والمهددات الراهنة ، والثاني: رسم واستشراف المستقبل للأجيال
القادمة، لاسيما عن طريق تعميق التربية الإعلامية بكل ما تحمل الكلمة من معاني
لتعزيز الوعي الأمني المجتمعي (التنشئة ) ، وهذا دور الإعلام الأمني. لتعزيز بعض
القيم الإيجابيّة وتقويتها، وكذلك التعديل في القيم السلبيّة أوتغييرها، وتركز لتربية
الإعلاميّة على إعداد الإعلاميين لأداء العملية التربويّة الإعلام أن يأخذ دوره الإيجابيّ والتركز على
الهويّة الأصيلة للأمّة تربط بين ماضيها، وواقعها ومستقبلها المنشود. المحافظة على قيم المجتمع الأصيلة،
وعاداته الإيجابيّة، فهناك قيمٌ أصيلةٌ في المجتمع توارثها النَّاس وتناقلوها،
فهذه القيم يجب حفظها وعدم التفريط فيها[10].
يحتاج
وضع ملامح استراتيجية إعلامية تجاه التحديات والتهديدات السيبرانية ليس بالأمر
السهل ، ولا تسع الورقة لتفاصيلها ، ولكننا
نتناول الموجهات العامة والنقاط المفصلية فيها . أولها : دراسة أوضاع البيئة
السيبرانية الداخلية وتحديد نقاط القوة وتعزيزها ،ونقاط الضعف ووضع المعالجات لها
، علاوة على الفرص المتاحة لاستغلالها. وثانيها البيئة السيبرانية الخارجية
ومهدداتها ومخاطرها.وذلك لمعرفة أين نحن الآن وماذا نريد وإلى اين نريد أن
نصل؟.وهذا يتطلب فكر استراتيجي عميق.والبحث عن الفرضية الغائبة الإعلام المجتمعي في
المنطقة العربية والإسلامية.
أوضاع الأمن المجتمعي في العالم العربي والإسلامي
تتعرض
المنطقة العربية والإسلامية إلى حروب مفتوحة شرسة في إطار توازن لا تنتهي إلا
بتحقيق مصالح الدول الكبرى، ويتعبر الفضاء السيبراني أقوى آلياتها ووسائلها
المهمة، إذا لم تكن الأولى.مما يتطلب الأمر رسم صورة واقعية وصحيحة لأبعاد وفاعلية
تأثيرات حروب الفضاء السيبراني على لأمن المجتمعي. هذا يقود إلى أسألة عديدة لكي
نتعرف على الأوضاع الدلخلية للدول العربية والإسلامية. من أهم هذه الأسئلة، هل،
الدول العربية والإسلامية قادرة على استغلال الفضاء السيبراني لتحقيق التأثير
الفاعل والحقيقي لمواجهة الصراعات الاستراتيجية التي تستهدف شعوب المنطقة.وهل هناك
مقدرة عربية إسلامية على خلق توازن مابين الاستفادة من التطور التكنولوجي ومواجهة
الهجوم عليها من خلال الفضاء السيبراني؟. وهل هي قادرة على هيكلة اسراتيجية أمنية
مجتمعية إعلامية على المستوى الداخلي أو على المستوى الإقليمي مواكبة للتسارع
الرقمي لحماية الأمن المجتمعي؟.هل هنالك خطة مدروسة واضحة للإعلام أن يقوم بدوره
في توعية المجتمع لمواكبة ذلك الفضاء السيبراني ، في ظل توقعات بأن الحروب
السيبرانية في المستقبل هي البديل للحروب التقليدية التي لاحت بوادرها في الأفق؟.
إذا
نظرنا إلى هذه الأسئلة والأجوبة عليها، نلاحظ الأهمية العظمى لمواكبة التطور
التكنولوجي وتأثيراته على الأمن القومي عامة والأمن المجتمعي خاصة.ومن الأولويات
الإعلام الأمني تجاه المجتمع.هذا يقود إلى السعي للتعرف على الأنماط والوسائل
السيبرانية وأسلحتها، والتعرف على على طبيعة البيئة السيبرانية للمجتمعات العربية
والإسلامية.وأوضاع الاستراتيجية الأمنية المجتمعية ودور الإعلام الأمني الداعم
والمساند لتلك الاستراتيجية ، والمساهمة في خلق صحوة استراتيجية وفكر استراتيجي
للمساهمة في مواجهة التهديدات والتحديات والمخاطر السيبرانية تجاه عالمنا العربي
والإسلامي.
أبعاد وتأثيرات وفواعل الخطر والتهديد السيبراني
تتمثل
هذه الأبعاد في الأبعاد السياسية والإقتصادية والاجتماعية، وما يهمنا في هذه
الورقة الأبعاد الاجتماعية، وأثرها على الأمن المجتمعي، وما يمثله من تحديات
ومصاعب تواجه القائمين على الأمر ، خاصة الإعلام الأمني الذي تقع علي عاتقه عملية
التوعية ليكون المجتمع أمناً وبعيد عن الأخطار السيبرانية التي تهدد الأمن والسلم
المجتمعي. والأهم هو وضع استراتيجية تثقيفية وتوعوية شاملة ، عبر تكثيف الحملات
الإعلامية التوعوية[11].
تنبع
أهمية الأبعاد الاجتماعية لطبيعتها التي تسمح
بعملية التواصل الاجتماعي المفتوحة عبر المدونات والشبكات الاجتماعية بشكل خاص لكل
مواطن بأن يعبر عن تطلعاته السياسية وطموحاته الاجتماعية، حيث تمثل مشاركة جميع
شرائح المجتمع فرصة للاطلاع على الأفكار والمعلومات المختلفة وبما تكونه من حاجة
لدى المجتمع في الحفاظ على استقرار الفضاء السيبراني والمجتمع الذي يرتكز إليه. لكن في المقابل يعرض أخلاقيات المجتمع
للخطر، نظراً لصعوبة مراقبة محتوى الإنترنت، كما يعرض الهويات لعمليات اختراق
خارجي ما قد يتسبب في تهديد السلم الاجتماعي للدولة، وعليه فلابد من العمل على
توعية المواطن بهذه المخاطر لتحقيق الأمن السيبراني في بعده الاجتماعي.
أوضاع الواقع السيبراني في الدول العربية والإسلامية
المتتبع
لما يجرى في الساحة العربية والإسلامية يدرك أن هناك إرادة تستخدم الفضاء
السيبراني إلى تغيير مجتمعي في المنطقة
بما يتفق مع مصالح القوى العظمى، ويُخرجون ما في العقول والقلوب لصالح ذلك الهدف،
وأو بما يسكى عولمة العالم العربي والإسلامي، في وقت لم تفطن الحكومات والدول لهذا
المخطط عن دراية أو دون ذلك. كما لم تهتم المراكز البحثية في الدول العربية
والإسلامية بأبحاث الفضاء السيبراني، ولم تهتم الحكومات بتأمين الشبكات بالتنسيق مع
الجهات ذات الصلة على المستوى الداخلى أو الإقليمي. ما جعل الفضاء السيبراني
مفتوحاً على كل الإحتمالات ، علاوة على قلة الميزانيات الموجهة إلى الأمن
السيبراني مع غياب الاستراتيجيات للنهوض بواقع الفضاء السيبراني.
أشارت
غالبية التقارير الإحصائية المهتمة برصد التفاعلات على وسائل الاتصال عبر الفضاء
السيبراني[12].أن استخدام الإنترنت والهاتف المحمول
وشبكات التواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط خلال العام 2018 التي يسكنها
(250) مليون نسمة فيها (304,5) مشترك أي أن عدد الإشتراكات أكثر من عدد السكان.
من
نتائج التقرير أن (182) مليون مواطن يصلون للإنترنت ما يعادل (71%) من عدد السكان،
وأن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط (136,1) مليون شخص ، أي
بعدل (53%) من عدد سكان المنطقة. هذا يعني أن المنطقة العربية والإسلامية ترتفع
فيها نسبة استخدام الفضاء السيبراني عالية، مما يؤشر إلى نسبة التأثير بما يقدمة
الفضاء السيبراني مرتفعة ، وبالتالي يقع
كثير من أفراد المجتمع العربي والإسلامي تحت التأثير المباشر لمايقدم في هذا
الفضاء، ما يزيد إحتمالية تعرض الأمن المجتمعي لمهدداته ومخاطره .
التحديات
1.
ضعف القيم الروحية والأخلاقية.
2.
التفاعل مع ثقافة العصر السطحية للشعوب العربية والإسلامية
3.
محدودية المشاركة الثقافية وإفتقار للعمل الثقافي الممنهج.
4.
ضعف السياسات الاستراتيجية الاجتماعية الأمنية، والإرتقاء
بمفهوم السلم الاجتماعي.
5.
قلة المساحات والموارد المحصصة للتوعية المجتمعية، وعدم
مواكبتها لسرعة التفاعل في الفضاء السيبراني.
6.
ارتفاع ظاهرة العنف السياسي والإجتماعي والتعدي على حقوق
الإنسان.
7.
خطابات وجدل الهوية في دول العالم العربي والإسلامي.
نقاط القوة
هناك نقاط قوة يمكن تعزيزها وتطويرها لخدمة للأمن
المجتمعي عبر واعلام تعبوي لرفع الوعي
الأمني المجتمعي تجاه الفضاء السيبراني.أهم تلك النقاط فيما يلي:
1.
القواسم المشتركة بين المكونات المجتمعية العربية والإسلامية.
2.
التسامح والترابط الأسري والاجتماعي.
3.
القيم والتقاليد والأعراف والأخلاق والكرم التي تتمتع بها شعوب
المنطقة ،مع ارتفاع مستوى التدين في المجتمع.
4.
ارتفاع مستوى وعدد الذين يستخدمون الفضاء الإلكتروني.
5.
الموقع الجيوستراتيجي والجيوسياسي والجيواقتصادي المميز.
نقاط الضعف
هناك نقاط ضعف نحتاج لمعالجات استراتيجة وهي تواة وضع الاستراتيجية
الإعلامية تجاه المهددات السيبراية.
1.
الصراع الاجتماعي والإقتصادي الذي أشعل الثورات في الدول
العربية ، وكان مدخلاَ مناسباً لاستخدام الفضاء السيبراني للتأثير على الأمن
المجتمعي.
2.
الصراع الطائفي الذي لعبت عليه القوى العالمية لتفتيت النيج
الأجتماعي في العالم العربي والإسلامي، وتغذية عملية الهيمنة الإقليمية.
3.
ارتفاع قيمة الكيانات العرقية والدينية والأقليات.في ظل قلة
الانتاج الفكري القويم
4.
الأفكار المتطرفة لبعض الكيانات والجماعات.التي بنى عليها
أعداء الأمة استراتيجياتهم وتكتيكاتهم المرحلية.
5.
ضعف الخارطة الجيوسياسية والجيواجتماعية للمنطقة العربية والإسلامية.علاوة
على كثرة الاعبين ، الأمر الذي أوجد فرصة لأعداء الأمة.
6.
فقدان الفرد المقاومة النفسية والثقة بالنفس في موروثات الأمة
العربية والإسلامية.وعدم مقدرة الدول في التأثير فيه.
7.
التركيز على الجاني السياسي على حساب الجانب الاجتماعي والأمن
الإنساني وحقوق الإنسان.
8.
تقصير بعض أنظمة الحكم في واجباتها الوطنية تجاه مواطنيها،
يؤدي إلى تهديد السلم والأمن الاجتماعي الذي هو أحد أهم مقاصد الدولة.
9.
ضعف الوعي لدي الحكومات العربية والإسلامية أهمية الفضاء
السيبراني وتأثيره على الأمن القومي. ، لا سيما الأمن المجتمعي.
الفرص
تتمثل الفرص السيبرانية في
خصائص الإعلام الإلكتروني ، واستغلالها في الوعي الأمني المجتمعي . ويتمتع الإعلام
الإلكتروني بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن بقية أنواع الإعلام الأخرى وهي :
1.
خاصية التوفر: فالاعلام الالكتروني متوفر ويمكن أن يحصل المواطن على أية
معلومة تم نشرها على موقع الكتروني أو صحيفة الكترونية دون طلب الرخصة لاعطائه تلك
المعلومة وفي أي وقت كان،
2.
خاصية المرونة : تبرز خاصية المرونة بشكل جيد بالنسبة للمتلقي
3.
خاصية الانفتاحية: ليس مكلفاَ مالياً ومنفتح على كل العالم. وتخطى الحدود والحواجز المحلية والدولية وحدود القانون والرقابة
المرتكزة على تقييد حرية الاعلام و يتميز بسرعة تغطية الاحداث ونقل الخبر سهولة وبدون
قيود وسهولة التصفح والحصول على المعلومة والبحث عنها.
4.
خاصية التعددية الثقافية: الفضاء السيبراني يسر موضوع التعبير
عن الذات والحوار الحضاري. ساهم بشكل ملحوظ في
بناء جسور من التواصل بين القائم بالاتصال ومستقبل الرسالة مما كان له بالغ الأثر
في تفاعل كل من الجانبين مع الأخر.
5.
خاصية المستقبلية: انه اعلام المستقبل، بإعتماده على التكنولوجيا الحديثة بما يخفض من تكاليفه ويوسع من
دائرة مستخدميه، فأنتشار أجهزة النشر الالكتروني ووسائل الإتصال الإلكترونية
المحمولة في كف اليد والتي يستطيع حاملها الدخول على الانترنت ومطالعة موقعه
الالكتروني المفضل أو قراءة صحيفته المفضلة من أي مكان وفي أي زمان.
6.
خاصية التفاعلية : سرعة استجابة الجمهور وسهولة مناقشة الحدث او الموضوع إذ أدخل
الجمهور كشريك أساسي في صنع محتوى الاعلام ومكّن الجمهور من أن يتفاعل مع المادة
الإعلامية من خلال النص المكتوب والصوت والصورة والفيديو.
7.
كما يتسم بسرعة انتشار المعلومات ووصولها إلى أكبر شريحة وفي
أوسع مجتمع محلي ودولي وفي أسرع وقت وأقل تكاليف والنقل الفوري للأخبار والأحداث والوقائع
ومتابعة التطورات التي تطرأ عليها مع قابلية تعديل وتحديث وتجديد الأخبار والنصوص
الإلكترونية في أي وقت.وتوفير للوقت والجهد والمال ولا يحتاج إلى مقر أوالمطابع
والورق ومستلزمات الطباعة ومتطلبات التوزيع والتسويق.
المهددات والمخاطر السيبرانية التي تواجهة المنطقة
1.
العولمة الثقافية
2.
الغزو الفكري والأيدولوجي
3.
الصراع الدولي والإقليمي في المطقة العربية والإسلامية.
4.
الغزو الفكري المجتمعي الذي يهدف لترسيخ الثقافة الغربية وطمس
الثقافة الإسلامية والعربية.
5.
تتنوع تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي في معظم الدول العربية والإسلامية ، وتشمل جوانب تتعلق
بالانسجام الاجتماعي والثقافي والقيمي، وانتشار أشكال جديدة من الجرائم الجنائية،
واستخداماتها التي تهدد الانسجام الاجتماعي والثقافي، وزرع الشقاق بين مكونات
المجتمع.
الصراع الاستراتيجي
إن
صراع المصالح الدولية هو تنافس وصراع بين استراتيجيات محكمة
وقرارات مستندة إلى المعرفة، تجربة العالم أشارت إلى أن هذا النوع من
الصراع لا يمكن إدارته عبر التخطيط التكتيكي والقرارات وليدة اللحظة وإنما عبر استراتيجيات مقابلة له، وذلك يتطلب
تعزيز القدرات التنافسية للإنتاج في جميع
المجالات بمافيها المجال الإعلامي[13].
إدارة
الصراع الاستراتيجي يعني الحاجة للقوة ، ومصدر القوة هو التخطيط الاستراتيجي، وأن
تتضمن الاستراتيجية الفرعية مصدر القوة، وتحقيق القوة الاجتماعية يحتاج لسند
إعلامي مجتمعي لرفع الوعي الأمني المجتمعي.ويُعتبر الفضاء السيبراني أحد وسائله في
عهد التواصل الرقمي.
الفضاء السيبراني كوسيلة للصراع
يمر
العالم بحالة من الصراع الاستراتيجي حول
المصالح ومع تطور الفضاء السيبراني تطور الصراع ، وتم توظيف هذا الفضاء في تعظيم
قوة الدولة، من خلال إيجاد ميزة أو تفوق أو تأثير في البيئات المختلفة، وبالتالي
ظهر ما يسمي “الاستراتيجية
السيبرانية”. الأمر الذي إدى إلى تصاعد المخاطر والتهديدات في الفضاء السيبراني.
فاتجهت الدول إلى تعزيز أمنها السيبراني، خاصة مع إمكانية تعرض المصالح الاستراتيجية للدول إلى أخطار
وتهديدات، الأمر الذي حول الفضاء الإلكتروني لوسيط ومصدر لأدوات جديدة للصراع
الدولي. . وفرضت تلك التطورات إعادة التفكير في مفهوم “الأمن القومي للدولة”،
والذي يعني بحماية قيم المجتمع الأساسية، وإبعاد مصادر التهديد عنها، وغياب الخوف
من خطر تعرض هذه القيم للهجوم[14]. خاصة أن الاستخدام غير السلمي للفضاء السيبراني يؤثر في الاستقرار
والأمن الاجتماعي لجميع الدول التي أصبحت تعتمد بنيتها التحتية على الفضاء
الإلكتروني.
أصبح
الفضاء السيبراني وسيلة صراع استراتيجي يستهدف المجتمعات ، وبالتالي يؤثر على
الأمن المجتمعي باعتبار المستهدف الأول هو الإنسان . فالصراع السيبراني هو صراع
غير متكافي ، والسبب هو عدم مقدرة بعض الدول مجاراة التطور السريع لذلك الفضاء من
جهة ، وعدم وضع استراتيجيات للاستفادة من هذا التطور .هذا الوضع ينطبق على العالم
الغربي والإسلامي.فكان لتا محاولة لإيجاد مخرج وخطة لمواكبة التطور عبر عمل
استراتيجي إجتماعي إعلامي عميق . كانت البداية عملية استطلاعية لبعض الخبراء
والمختصين.
تٌمثّل
إستراتيجية الأمن السيبراني خارطة طريق لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التي تتم
صياغتها وفقا لنقاط القوة والفرص المتاحة في كل دولة، إضافة إلى اعتبار نقاط الضعف
والتهديدات الحالية والمستقبلية[15].
ملخص عملية استطلاعية في السودان حول ذات الشأن
كان ملخص عملية الاستطلاع التي
أجريناها مع بعض المختصين في مهددات الفضاء السيبراني على الأمن المجتمعي توصلنا
للنقاط الأتية[16].
·
من يملك الحضور الفاعل والاستثمار الصحيح للفضاء السيبراني في
المستقبل يملك المبادرة والقدرة على إخضاع الأخرين ، مما يؤمن المجتمع ويرفع من
وتيرة الوعي المجتمعي.
·
العالم الغربي يملك الجدية والمقدرة على تحقيق فضاءه السيبراني
وتعزيز الخبرات والأبحاث.
·
الخطة الاستراتيجية تؤدي إلى إمتلاك القوة والمبادرة وبالتالي
حفظ الأمن المجتمعي.
·
الحروب السيبرانية تتجه نحو أن تكون البديل للحروب التقليدية.
وتكون خليط بين الحرب الناعمة والحرب الصلبة.
·
الدول العربية والإسلامية مؤهلة أن توجد بيئة
مجتمعية داخلية يحقق من خلاتله أمنها السيبراني.
الرؤية الاستراتيجية
إن الاستراتيجية الإعلامية تجاه
المهددات والتحديات السيبرانية تتمثل في النقاط الأتية:
1.
يقوم مفهوم الإعلام الاستراتيجي المجتمعي على مفهوم الاتصال
الإعلامي،مرسل ورسالة ووسيلة ، ومستقبل وهدف.فالمفهوم الاستراتيجي للاعلام يعني
قدرة الدولة على التواصل مع مواطنيها في الداخل، والقدرة على التأثير عليه.والضغف
في ذلك يعني منح الفرصة للإعلام الأجنبي والتواصل مع المواطن وبالتالي تشكيله وفق
مطلوبات المصالح الأجنبية[17].
2.
للإعلام ووسائله دور كبير في توجيه المجتمع نحو السلوكيات
الرشيدة والعادات الحسنة وتنفيره من السلوكيات الخاطئة، كما يكون للإعلام دور كبير
في التحذير من الجرائم الأخلاقية التي تستهدف أمن المجتمعات وأخلاقهم ، ببيان
خطورتها وسلبياتها. فالمجتمعات قد تغفل أحيانا عن استشعار المخاطر حولها، ويكون
للإعلام دور كبير في إيقاظ المجتمعات للتنبه باستمرار لما يحيط بها من مخاطر
وتهديدات وضرورة الاستعداد لمواجهتها والتصدي لها.
3.
اصبحت وسائل الفضاء السيبراني أكثر انتشارا واستخداما ولها
تأثيرات أحدثت تحولات وتغيرات على المجتمع أثرت بدورها على الأمن المجتمعي.
4.
أن ينهض المجتمع بكل مؤسساته الرسمية وغير الرسمية وأفراده
بتعلية قيم الفضيلة وخلق جيل متمسك بقيمة
ومعتز بها ومدافعا عنها، كما تتعاون وتحافظ الأمة العربية والاسلامية على القيم المشتركة
وتوسيع دائرة التفاهم حولها.
5.
أن أي رؤية إستراتيجية للأمن السيبراني تدور حول خلق بيئة
سيبرانية مرنة وموثوق بها، أي تحقق الأمن ولا تفقد ميزتها بالانفتاح وسهولة الوصول
إلى موارد الفضاء السيبراني، مما يؤدي إلى حصاد فوائد الفضاء. السيبراني، والتقليل
من المخاطر المحتملة. ويمكن إجمال الأهداف الإستراتيجية للأمن السيبراني كما يلي:
حماية البنية التحتية للاتصالات وتقنية المعلومات، والاستجابة السريعة للهجمات
الإلكترونية واستعادة الخدمات المعطلة عن طريق بناء قدرات دفاعية متطورة لحماية
الفضاء السيبراني، والاستثمار في أحدث أنواع التكنولوجيا المتوافرة في الأسواق
العالمية، والتي يمكن عن طريقها تحديد الجهة التي تقف خلف الهجمات السيبرانية،
وجمع الأدلة التي تدينها، وتطوير الإمكانات الوطنية في مجالات الأمن السيبراني من
متخصصين وشركات، وتحفيز الابتكار والاستثمار في مجال الأمن السيبراني للإسهام في
تحقيق نهضة تقنية تخدم الاقتصاد، وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني التي من شأنها دعم
الاستخدام الآمن والمرن للفضاء السيبراني، وسنّ الأنظمة والقوانين التي تكفل سلامة
الفضاء السيبراني.
6.
تشكل الأهداف أعلاه مجتمعة الركيزة الأساسية للحماية من
الهجمات الإلكترونية والاستعداد لمواجهتها واكتشافها والتعافي منها، ولا شك أن لكل
دولة خصوصيتها، ولا يصح القول إن هناك إستراتيجية واحدة صالحة لجميع الدول، فنقاط
القوة والضعف تختلف من دولة إلى أخرى، كذلك الفرص والتهديدات التي تواجهها[18].
7.
المفهوم الاستراتيجي للاعلام المجتمعي يقوم على الاتي:
أ-
مرسل ذو قدرات استراتيجية وتفكير استراتيجي ينطلق من منظور
عالمي وليس محلي.
ب-
رسالة تراعي التباين في البيئة الدولية، والثقافات والعادات
والتنوع في البيئة الداخلية.بهدف التواصل الفعال مع مواطن الدولة ،وإحداث تأثير في
الجمهور العالمي.
ج.
تحديد المداخل الإعلامية المناسبة، وأن يصل الإرسال للجمهور
المستهدف باللغة المناسبة والجودة العالية، بتراكمات معلومات.
د.
الاستراتيجية الإعلامية هي التي ترفع الوعي الأمن المجتمعي مسنتدة
على التخطيط الاستراتيجي الاجتماعي الذي
يهدف مفهومه الأتي:
1)
تحقيق الأمن الاجتماعي.
2)
بناء والمحافظة على مجتمع متجانس متفاعل إيجابيا منصر وطنيا.
3)
تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزير الانتماء القومي.
4)
تنمية ورعاية الإنسان واشباع رغباته
مرتكزات الاستراتيجية
1.
حملات توعية إعلامية لمختلف شرائح المجتمع عن مخاطر الفضاء
السيبراني وتأثيره على الفرد والمجتمع.
2.
بلورة استراتيجية متماكسة تقوي نقاط الضعف وتعزز نقاط القوة
مستفيدة من الفرص المتاحة في البيئة الخارجية ، ووضع معالجات للتحديات ومواجهة
التهديدات.
3.
مشاركة كل الفواعل الاجتماعية والسياسية في تنفيذ الاستراتيجية
والإلتزام بها.
واقع واستشراف
بعد
ربع قرن على وجودها أضحى الفضاء السيبراني وسيلة لأهداف معقدة ومتعددة الأشكال بعد
أن أضحت إدارة الشبكة والتحكم فيها أحد رهانات العلاقات الدولية ليصبح أمنها
ومراقبتها والتحكم فيها مجال تجاذبات وصراع دولي استراتيجي بين قوى دولية ، وبدأ
استخدامة في تهديد الأمن المجتمعي للدولة.
مع
تزايد الاعتماد العالمي على الفضاء السيبراني تزايد مها طردياً التعرض للهجمات على
البنية التحتية الحرجة من خلال الفضاء السيبراني. ورغم أن المعالم الدقيقة لأي "حرب سيبرانية"
لا تزال غير محددة فإن الهجمات الكبيرة ضد البنية التحتية للمعلومات وخدمات
الإنترنت في العقد الأخير تُعطي صورة ما عن الشكل والنطاق المحتملين للنزاع في
الفضاء السيبراني.
الحروب
السيبرانية تتجه نحو أن تكون البديل للحروب التقليدية. وتكون خليط بين الحرب
الناعمة والحرب الصلبة بهدف السيطرة والهيمة يتغير ثوابت الأمم ونعاقداتها
وثوابتها وعقائدها. وتفتيت نسيجها الاجتماعي. كما يتوقع صعود الجيوسياسي-السيبراني
في منطقة العربية والإسلامية. علاوة على ذلك يتوقع صعود قوة سيبرانية في المنطقة
تنافس القوى الكبرى المسيطرة على العالم.
التدابير
مناسبة ومنتظرة، فإن هناك خواء ملحوظاً فيما يتصل بالحوار المتعلق بالسلام
السيبراني، بل وحتى بشأن الحفاظ على مستوى مقبول من الاستقرار الجيوسيبراني.
"الجيوسيبرانية" على أنها العلاقة بين شبكة الإنترنت والجغرافيا،
والديموغرافيا، والاقتصاد، والسياسة لبلد ما وسياسته الخارجية.
أما تعريف "الاستقرار الجيوسيبراني" فهو قدرة كل البلدان على
استخدام الإنترنت لاستخلاص منافع اقتصادية، وسياسية، وديموغرافية مع الإحجام عن
القيام بأنشطة قد تؤدي إلى أنماط من المعاناة والتدمير لا داعي لها[19].
ختاماً:
إن
موضوع الاستراتيجية الإعلامية لرفع الوعي المجتمعي تجاه التحديات والمهددات
السيبرانية في العالم العربي والإسلامي، أمر كبير ويحتاج لدراسات أعمق تتناول كل
الجوانب الاجتماعية وتفصيلها، خاصة وأن الاستراتيجية الإعلامية تضع في نهاية
الاستراتيجيات لاسيما الاستراتيجية الاجتماعية على إعتبار أن الاستراتيجية
الإعلامية هي استراتيجية مساندة وداعمة ومبصرة وتوعوية بالاستراتيجيات الأخرى.
[1] - موسى طه تاي الله، الإعلام السياسي(دراسة في
المفهوم والأدوات والوظائف)،جامعة أفريقيا العالمية 2016، ص 16
[3] - دراسة أعدها معهد البحرين للتنمية السياسية،
بعنوان وسائل الإعلام وأهميتها ودورها في تنمية المجتمع، سلسلة دراسات 2017، ص 59
[6] - مواقع التواصل الاجتماعي كفضاء غير تقليدي
للتعبير والممارسة السياسية لدى الشباب،مجلة العلوم الاجتماعية – المركز
الديمقراطي العربي ألمانيا برلين- العدد الرابع 2018، ص 65
[10] - خطاب الهوية في المنطقة العربية، ورقة علمية –
مؤتمر قطاع الفكر والثقافة الذي عقد في الخرطوم "السودان" في الفترة 14-
15/12/2010، تحت عنوان تحديات المجتمع في ظل التغيرات المعاصرة ، كتاب الأوراق العلمية ،ص123
[13] - محمد حسين أبوصالح ، التخطيط الاستراتيجي – منهج
المستقبل، دار الحنان للنشر والتوزيع عمان الازدن 2016، ص 627
[15] - مجلة الدفاع الوطني
الصادرة عن مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية بالجيش اللبناني،العدد الخاص
بعنوان نحو فضاء سيبراني آمن،2014-2015 بيروت لبنان، ص 17
[16] - استطلاع ومقابلات لعدد تجاوز عدد (50) شخصية
متخصصة في التخطيط الاستراتيجي في مجال الإعلام الحديث، في أكتوبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق