الأحد، 2 فبراير 2020


سلسلة
العوامل الداعمة لنجاح عملية الانتقال السياسي
الحالة السودانية في الميزان
العامل الثاني
القبول بشرعية الحكومة الانتقالية
يُعتبر قبول شرعية الحكومة التي تكونت لقيادة الفترة الانتقالية من قبل الفاعليين الأساسيين أمر في غاية الأهمية لنجاح الانتقال السياسي. وأهمية الشرعية يأتي نتيجة أن الفترة الانتقالية هي مرحلة مهمتها الأساسية هي تأسيس لمرحلة التحول الديمقراطية. وتضع قواعد تنظيم التنافس السياسي الديمقراي الذي وفقاً له تجري الانتخابات العامة. لذلك تمثل ثقة أطراف المجتمع السياسي من أحزاب، وجمعيات مجتمع مدني ، وحركات احتجاجية بالحكومة الانتقالية والقبول بشرعيتها عنصراً مهماً في عملية الانتقال.
ترتكز شرعية الحكومة الانتقالية على قدرتها على تطبيق القانون ووضوح القواعد الحاكمة لسلوك المشاركين في العملية السياسية واستقرارها والجدية في تطبيقها بحياد ونزاهة على كل الأطراف بواسطة نظام قضائي مستقل وأجهزة حكومية فعالة. وتأتي أهمية وضوح القواعد القانونية وجدية تنفيذها إلى أنها توفر لأطراف العملية السياسية القدرة على التوقع وتقلل من حالة عدم اليقين، وتزيد من ثقتهم بها.
الوضع الآن؟
جاءت الفترة الانتقالية تحمل في طياتها سقوفات عالية من قبل الشباب الذي قاد الثورة بطريقة مثالية تختلف عن ثورات أكتوبر 1964م وأبريل 1985م. حيث قادها شباب بوعي متحضر بعيداً عن القوى السياسية التقليدية في السودان.وسرعان ظهرت بوادر نجاحها حاولت القوى السياسية والأحزاب بكل أشكالها السطو عليها فتزعمت قيادات الأحزاب المشهد ونسجت عليه خيوطها التي سممت الشعب السوداني منذ الاستقلال ، وشاركت في كل الإنقلابات العسكرية التي أجهضت تجارب التحول الديمقراطي.من هذه الخلفية التاريخية من البديهي لم تجد الفترة الانتقالية القبول النسبي الذي يؤهلها لقيادة الفترة الانتقالية. في ظل تعامل الحكومة الانتقالية بذات المنهج الذي ساهم في تصاعد حدة عدم القبول بشرعيتها. كما ركبت القوة التي قادت المرحلة (قوى الحرية والتغيير) ذات الموجة ، وقادت حملة ومظاهرات في الشارع العام تقدح في عدم قبول شرعية الحكومة الانتقالية احتجاجاً على المكون العسكري في الحكومة الانتقالية لاسيما ولاة الولايات.يقابل ذلك عدم قبول بعض القوى السياسية التي ركبت موجة الثورة بعد نجاحها وأصبحت من أكبر المعارضين لسياساتها ، وفي المرتبة الثانية في عدم القبول بها بعد القوى السياسية التي ساندت النظام السابق.
يتوقع أن يؤثر هذا الوضع في التأسيس الصحيح والاستراتيجي لمرحلة العمل الديمقراطي عقب الانتقال. ويمكن أن يساهم بقدر كبير في إعادة السيناريوهات الماضية واستمرار (الحلقة الشريرة)، خاصة بعد تنامت حالة عدم ثقة في الحكومة الانتقالية وعدم قدرتها على تحقيق تطلعات شباب الثورة. واجه ذلك عدم قدرة على بسط هبية الدولة والقانون وترك الأمر لأهواء العداوات السابقة التي أفشلت التحول الديمقراطي الذي يؤسس لحكم ديمقراطي مستقر. وكان لعدم شمولية الوثيقة الدستورية وعدم حيادية ونزاهة تطبيقها، أدى إلى عدم احراز نتايج ملمؤسة للشعب السوداني وجماهير الثورة ، الأمر الذي سلامة سلوك المشاركين في العملية السياسية ، أدي إلى عدم اليقين في مستقبل التحول الديمقراطي المستدام.

السبت، 1 فبراير 2020



ترامب وصفقة تمكين إسرائيل
كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، وبحضور رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، عن خطته الموعودة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي تعرف بصفقة القرن.
فحوى الخطة
تتضمن الخطة استمرار السيطرة الإسرائيلية على معظم الضفة الغربية التي احتلتها عام 1967، وضم كل الاستيطانية الضخمة في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت السيادة الاسرائيلية.وسبق وأن أعلن ترامب القدس عاصمة أبدية لإسرائيل. ومن جانبها تعهدت اسرائيل بالحد من النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة أربع سنوات وهي الفترة الممنوحة للجانب الفلسطيني كي يقر الدخول في مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي لتطبيق الخطة.
تهديد ووعيد
هدد وتوعد ترامب الفلسطينيين أن خطة السلام المترحة هي الفرصة الأخيرة لقيام دواة فلسطين. وإذا لم تعتمدها الحكومة الفلسطينية أنها تواجه مصيرها. فيما ذهب كوشنير مستشار الرئيس الأمريكي وذكر أن هذه الحطة هي الفرصة الوحيدة لقيام الدولة الفلسطينية.وهذه الحطة مداها أربعة سنوات.
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن "الفلسطينيين يعيشون في الفقر والعنف، ويتم استغلالهم من قبل من يسعون لاستخدامهم كبيادق لنشر الإرهاب والتطرف".
رفض وتنديد
رفض الفلسطينيون الحطة جملة وتفصيلا بإعتبارها حطة منحازة لإسرائيل كلياً وليس بها ما يحفظ على القبول بها أو حتى مناقشتها. وتبع ذلك رفض عربي وإسلامي والمجتمع الدولي ، وكثير من الدول الأوروبية.كما رفض مجلس  الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط



ترامب ...لحل النزاع قد يكون "آخر فرصة" للفلسطينيين لكي يحصلوا على دولة مستقلة.
ترامب...واشنطن "مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراض محتلة" لم يحددها.
الخريطة التي غرد بها ترامب.
ترامب"...هذا ما قد تبدو عليه دولة فلسطين المستقبلية بعاصمة في أجزاء من القدس الشرقية".
ترامب... أن القدس ستبقى "عاصمة إسرائيل غير القابلة للتجزئة"، وأن الدولة الفلسطينية المقبلة ستكون "متصلة" الأراضي.

الجمعة، 31 يناير 2020

سلسلة
العوامل الداعمة لنجاج عملية الانتقال السياسي
الحالة السودانية في الميزان
أثبتت التجارب أن كل مجتمع إذا أراد أن يححق عملية انتقاله الديمقراطي من نظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي عليه أن يضع تجربته الخاصة لإنتقاله السياسي إلى الديمقراطية، ولا يوجد نموذج وقالب ناجح لتقليده وتطبيقه، بإعتبار لكل مجتمع عاداته وتقليده وأعرافه وتعددياته وإن تشابهت مع دول أخرى. فعملية الانتقال لاتحدث من فراغ، بل تدور تفاعلاتها في سياق اجتماعي محدد يشمل سمات النظام الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي المتبعة في ذلك المجتمع.
السودان أحد الدول التي لها تجارب غنية بالعبر والمعاني  في عملية الانتقال السياسي من حكم عسكري إلى حكم  مدني منذ استقلاله في العام 1956م. ولكنه في ذات الوقت منذ ذلك التاريخ لم تتوفر له القدرة على انتاج نموذج انتقال سياسي يُفضي إلى تحول  يُوسس لحكم ديمقراطي . الأمر الذي أدخله في حلقة شريرة قوامها تجربة ديمقراطية قصيرة فاشلة تنتهي بإنقلاب عسكري تعقبه ثورات شعبية تطيح  بالحكم العسكري ثم فترة إنتقالية أخرى وهكذا . هذا  الوضع لا نريده أن يستمر، لذلك نبحث عن العوامل الذي يعصم من أن لا تتكرر تلك الحلقة أو تستمر . وأهم تلك العوامل.
العامل الأول:
 استقرار مفهوم الدولة
يعني مفهوم الدولة ، يعني قبول عامة بالحدود الجغرافية للدولة ، وغلبة مشاعر الانتماء الوطني لشعبها، علاوة على التوافق مكونات الجماعة السياسية ومفهوم الهوية الوطنية.  استقرار هذه السمات  يقصر الاخلافات  مهما كانت حدتها على شكل نظام الحكم ومضمون السياسات العامة. والعكس عندما تكون أسس الدولة محل شك ، تكون هناك مطالبات بالانفصال عنها أو إعادة النظر في حدودها، فإن عملية الانتقال إلى الديمقراطية تصبح أكثر صعوبة. بعد معايرة هذا العامل مع الوضع الإنتقالي في السودان وما يجري فيه نلاحظ الأتي:
ü      ليس هناك قبول عام بحدود الدولة السودانية ، بل يوجد عدم احتراف بعض المكونات المجتمعية بهذه الحدود.
ü      توجد بعض الفئات التي لا تعترف بإنتماؤها الوطني للسودان ، بل أنها لا تشبه عادات وتقاليد السودانيين ، بل تجاهر بأن إتنماؤها لدولة أخرى.
ü      ليس هناك توافق اجتماعي على هوية السودان هل هو دولة عربية أم نزجية. وليس هناك اتفاق أن السودانيين هم مجموعات أثنية متداخلة ومترابطة مع بعضها البعض.
ü      تعتبر بعض المكونات للمجتمع السوداني أن أُسس الدولة محل شك ، هذا أدي بدوره بارتفاع المطالبات بالانفصال عنها ،أو بإعادة النظر في حدودها.
هذه الأوضاع وبهذا الشكل تكون معوقاً أساسياً لنجاح عملية الانتقال السياسي في السودان، وتُصعب من تحقيقه.حسناً بدأ الفترة الإنتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر 2018، وفي وثيقتها الدستورية أن نصف العام الأول منها لتحقيق السلام،وكن شابها قصر النظر في مفهوم السلام بمعناه الشامل الذي يحقق الاستقرا، فاتجهت بكلياتها إلى وقف الحرب وتحقيق سلام البندقية ، ولكنها أهملت بل عمقت شقة السلام المجتمعي ، بقيادة توجهات لا تقود إلى عملية أنتقال سياسي تُأسس لحكم ديمقراطي.
عموماً . إذا كانت الديمقراطية تقوم على مبدأ سيادة الشعب ، فإن من الضروري أن تكون حدود هذا الشعب ومكوناته واضحة، وإذا كانت الديمقراطية تضمن الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين . فإنه يكون من الضروري الاتفاق حول من هم هؤلاء المواطنون الذين ينبغي أن يتمتعوا بالحقوق الديمقراطية في إطار جغرافي محدد.
إن وجود تقاليد الدولة والاعتراف بحق مؤسساتها في تطبيق القانون وإيقاع العقاب على مخالفيه وهما الشرطان الرئيسة لنجاح عملية الانتقال وسرعتها. فالدولة هي الوحيدة التي تمتلك حق فرض الالتزام بالقانون وقواعده. ومن دون حكم القانون لا تكون هناك ديمقراطية. واختم بسؤال أين وضعنا الانتقالي من كل ذلك؟.


ثقافة ديمقراطية
لنظام سياسي مستقر ومستدام (1)
الدكتاتورية العسكرية والدكتاتورية المدنية
إن حيوية الديمقراطية تنبع من قدرتها على التطور والتكيف مع الظروف المتغيرة وليس النصوص الجامدة. فنجاح المنهج الديمقراطي في بلد ما ليس بالضرورة تطبيقة يحقق ذات النجاح في بلدٍ آخر.ولتطبيق الديمقراطية هناك صورة مختلفة وفق الظرروف التاريخية وأوضاع المجتمعات التي تطبق فيها وتكويناتها الاجتماعية والسياسية.
التاريخ يحكي!
تاريخياً مرت على السودان ثلاثة فترات حكم ديمقراطي والأن هو في مرحلة إنتقال ديمقراطي رابعة.ارتبطت ممارسة الديمقراطية تاريخياً في السودان بالمشاركة المباشرة للمواطنين في إدارة شئون البلاد ، أو ما يعرف بالديمقراطية التمثيلية.والتي إرتكزت إدارة السلطة على قاعدة "الأغلبية"(Majority Rule).بوصفها آلية لانتخاب أعضاء البرلمان، وبالتالي اختزل الديمقراطية في أرقام ، ولا يعطي وزناً لرأي المعارضة ، والمرشح الأكثر أصواتاً هو الفائز بغض النظر عن نسبة هذه الأصوات من إجمالي الناخبين.
 قاد هذا إلى فشل كل الديمقراطيات السابقة وقاد حزب سياسي باللجو إلى الطرق الأخرى لممارسة السلطلة ، فكان أقرب الطرق هو دعم إنقلاب عسكري على الأخرين ، وبالتالي إجهاض العملية الديمقراطية برمتها.
أين الحل؟
يبدأ الحل من إتباع قاعدة ذهبية. نطلق هذه القاعدة من التعددية المركبة التي يتمتع بها السودان، بإعتبار أن التعددية المركبة قد أنتجت اختلافات في المصالح  تحتاج لإدارة تعترف بها والإقرار بوجودها وليس انكارها أو تجاهلها أو قمعها. فالإدارة الديمقراطية للاختلافات والصراعات تبدأ بالإعتراف بشرعية وجودها، وأنها لا تمثل تهديداً يُضعف وحدة المجتمع، وأن قوة المجتمع وتماسكه ينبعان من حق الأفراد والجماعات  في التعبير عن مصالحهم.فالقاعدة الذهبية تقول (إن جوهر الديمقراطية يتمثل في إدارة الاختلافات والتنوعات في المجتمع بطريقة سلمية، إذ يقدم النظام الديمقراطي إطاراً مؤسسياً لتنظيم المصالح والآراء المختلفة، والتعبير عنها، والتوفيق بينها على أساس الاعتراف بشرعيتها جميعاً).
إرتبطت الديمقراطية في العصر الحديث بمفاهيم الكرامة والحرية والسلام والعدالة واحترام حقوق الإنسان والحفاظ على الأمن الإنساني . فالأولى الابتعاد عن النظام البريطاني القديم بمعنى أن تخرج فكرة المستعمر وأن تحل محلها فكرة سودانية . بإعتبار استمرار فكرة المستعمر هي أُس الأزمة السودانية واستمراريتها.
تتطلب الديمقراطية إدارة التعددية التي هي بدورها تتطلب قبول التنوع في العناصر والمضامين والمبادي ، بحيث يتمتع كل منها بالاستقلال، ولا يمتلك أحداها الحق أو القدرة على إلغاء أو نفي الآخر، حتى لانكرر الماضي أو خلق دكتاتورية حزبية أو بالمعنى الأوسع دكتاتورية مدنية، وهي أصعب الدكتاتوريات. فالشرعية في النظام الديمقراطي مصدرها الأغلبية والأقلية معاً. فالعقد الإجتماعي هو الحل.دون نظام الوعظ والإرشاد .