سلسلة
العوامل الداعمة لنجاح عملية الانتقال السياسي
الحالة
السودانية في الميزان
العامل الثاني
القبول
بشرعية الحكومة الانتقالية
يُعتبر قبول شرعية الحكومة التي تكونت لقيادة الفترة
الانتقالية من قبل الفاعليين الأساسيين أمر في غاية الأهمية لنجاح الانتقال
السياسي. وأهمية الشرعية يأتي نتيجة أن الفترة الانتقالية هي مرحلة مهمتها
الأساسية هي تأسيس لمرحلة التحول الديمقراطية. وتضع قواعد تنظيم التنافس السياسي
الديمقراي الذي وفقاً له تجري الانتخابات العامة. لذلك تمثل ثقة أطراف المجتمع
السياسي من أحزاب، وجمعيات مجتمع مدني ، وحركات احتجاجية بالحكومة الانتقالية
والقبول بشرعيتها عنصراً مهماً في عملية الانتقال.
ترتكز شرعية الحكومة الانتقالية على قدرتها على تطبيق القانون
ووضوح القواعد الحاكمة لسلوك المشاركين في العملية السياسية واستقرارها والجدية في
تطبيقها بحياد ونزاهة على كل الأطراف بواسطة نظام قضائي مستقل وأجهزة حكومية
فعالة. وتأتي أهمية وضوح القواعد القانونية وجدية تنفيذها إلى أنها توفر لأطراف
العملية السياسية القدرة على التوقع وتقلل من حالة عدم اليقين، وتزيد من ثقتهم
بها.
الوضع الآن؟
جاءت الفترة الانتقالية تحمل في طياتها سقوفات عالية من قبل
الشباب الذي قاد الثورة بطريقة مثالية تختلف عن ثورات أكتوبر 1964م وأبريل 1985م.
حيث قادها شباب بوعي متحضر بعيداً عن القوى السياسية التقليدية في السودان.وسرعان
ظهرت بوادر نجاحها حاولت القوى السياسية والأحزاب بكل أشكالها السطو عليها فتزعمت
قيادات الأحزاب المشهد ونسجت عليه خيوطها التي سممت الشعب السوداني منذ الاستقلال ،
وشاركت في كل الإنقلابات العسكرية التي أجهضت تجارب التحول الديمقراطي.من هذه
الخلفية التاريخية من البديهي لم تجد الفترة الانتقالية القبول النسبي الذي يؤهلها
لقيادة الفترة الانتقالية. في ظل تعامل الحكومة الانتقالية بذات المنهج الذي ساهم
في تصاعد حدة عدم القبول بشرعيتها. كما ركبت القوة التي قادت المرحلة (قوى الحرية
والتغيير) ذات الموجة ، وقادت حملة ومظاهرات في الشارع العام تقدح في عدم قبول
شرعية الحكومة الانتقالية احتجاجاً على المكون العسكري في الحكومة الانتقالية
لاسيما ولاة الولايات.يقابل ذلك عدم قبول بعض القوى السياسية التي ركبت موجة
الثورة بعد نجاحها وأصبحت من أكبر المعارضين لسياساتها ، وفي المرتبة الثانية في
عدم القبول بها بعد القوى السياسية التي ساندت النظام السابق.
يتوقع أن يؤثر هذا الوضع في التأسيس الصحيح والاستراتيجي
لمرحلة العمل الديمقراطي عقب الانتقال. ويمكن أن يساهم بقدر كبير في إعادة
السيناريوهات الماضية واستمرار (الحلقة الشريرة)، خاصة بعد تنامت حالة عدم ثقة في الحكومة
الانتقالية وعدم قدرتها على تحقيق تطلعات شباب الثورة. واجه ذلك عدم قدرة على بسط
هبية الدولة والقانون وترك الأمر لأهواء العداوات السابقة التي أفشلت التحول
الديمقراطي الذي يؤسس لحكم ديمقراطي مستقر. وكان لعدم شمولية الوثيقة الدستورية
وعدم حيادية ونزاهة تطبيقها، أدى إلى عدم احراز نتايج ملمؤسة للشعب السوداني
وجماهير الثورة ، الأمر الذي سلامة سلوك المشاركين في العملية السياسية ، أدي إلى
عدم اليقين في مستقبل التحول الديمقراطي المستدام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق