سلسلة
العوامل الداعمة لنجاح عملية الانتقال السياسي
الحالة
السودانية في الميزان
العامل
الثالث
استمرار
مناخ الكتلة التاريخية
تنبع أهمية استمرار مناح الكتلة التاريحية من أنه
في أعقاب سقوط النظام تبرز مختلف أنواع الصراعات والتناقضات المكبوتة والتي تأخذ
شكل الصراعات القومية، والمصالح الفئوية المطالبية، والانقسامات السياسية، وذلك في
الوقت نفسه الذي تنشغل فيه القوى الثورية باقتسام السلطة في مؤسسات النظام الجديد.
ويكون من أهم التحديات الاحتفاظ بقدر من التنسيق فيما بينها بما يسمح باستكمال
مهمات الانتقال السياسي إلى الديمقراطية، بمعني أن لا يهدد الانشغال والاختلافات
حول تقسيم السلطة في النظام الجديد استمرار روح الوحدة الوطنية[1].
أين موقع السودان من هذا العامل؟
ترتكز الديمقراطية على الأحزاب خاصة التي كانت
قائمة قبل سقوط النظام السابق. فالكتل التاريخية في السودان لها خلافاتها التي
دائماً ما تقود إلى دعم الإنقلابات العسكرية، كما يكتنف الكتلة الوطنية في السودان
عداء أيدولوجي تاريخي التيار الإسلامي والتيار اليساري، وهناك قوة كتلة سياسية
تتحرك بين التيارين وهي أكثر الكتل تقليدية تتأرجح بين التموضع يساراً ويميناً
الأمر الذي أفقدها كثيراً من بريقها وجاذبيتها السياسية. ودائماً ما تظهر
التناقضات المكبوتة عبر الثورة أوالإتنفاضة، فيما تلجأ بعض الكتل إلى الطلاب
والاتحادات الفئوية والنقابات، ولكنها في ذات الوقت تحاول استغلال ذلك للنيل من
الخصوم أو تشويه صورة الأخر دون مراعاة للمصلحة الوطنية.
دخلت الكتل الوطنية في صراع داخلي عقب الثورة لنسب
ما حدث إليها . بالتالي تنشغل بأقتسام السلطة ، كما حدث في اختيار الوزراء والولاة
واقتسام النظام الجديد (المحاصصة) ، وبالتالي انفرط عقد التنسيق بينها لاستكمال
تأسيس مهمات الانتقال السياسي للديمقراطية. وظهر عدم التنسيق بين مكونات الثورة
(الأصليين والمتسلقين ) ، ما افقد تلك المكونات روح الوحدة . هذا بدوره يهدد مرحلة
الانتقال إلى الديمقراطية. فالانتقال هو مرحلة وحدة الكتله التاريخية التي ركبت
الموجة والثوار للمساهمة في أنتاج دستوري متوازن ومقبول بين مكونات الشعب يُفضي
إلى تحول ديمقراطي يحافظ على الوضع الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة. ويمنع
ويعصم من أي انتكاسات مسار الديماطية.
الوضع في السودان من خلال مرحلة الانتقال الماثلة
الأن والخطوات المتبعة لاتخدم مرحلة ما بعد الانتقال ، مما بنذر بفشل التحول
الديمقراطي ، والسبب هو استمرار مناخ الصراعات المناكفات السياسية وحالة التشرزم
في الكتلة الوطنية . وتحول من مرحلة الانتقال إلىمرحلة الانتقام ، واتساع الشقة
بين الثوار والكتلة التاريخية .
[1] علي الدين هلال،الانتقال إلى
الديمقراطية –ماذا يستفيد العرب من تجارب الأخرين،عالم المعرفة- المجلس الوطني –الكويت،العدد
479-2019، ص134