مدركات
الانتقال الديمقراطي
بين
الإجراء والغاية
لا يمكن ادراك مدركات الانتقال الديمقراطي إلا بالمقارنة وتحليل تجارب التطور الديمقراطي
في دول ومجتمعات مختلفه0 وما أشد احتياجنا الانتقال إلى الديمقراطية في السودان.
الى هذه النظرة بدلا من
الاستمرار في إنهاك عقولنا وتفكيرنا في البحث عن (خصوصيات) لا سند لها في الحقيقة
إذا ما عرفنا ما حدث في الدول الأخرى0 والجديد .هنا نتساءل ماهة تلك (الديمقراطية)
التي ننتقل اليها وهل هي- يهلل الباحثون الغربيون لها – مجموعة من المؤسسات والإجراءات المتعلقه
بطريقة الوصول الحكم وتداول من يد الى اخرى، وهو ما يسمى الديمقراطية الإجرائية ؟
أو انها النظام الذي يؤدي إلى تبني الحكومات مجموعة من السياسات العامه التي توفر
فرص الحياة المتساوية لأكبر عدد من المواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين
اللأفراد والجماعات والطبقات والمناطق، وهو ما يسمى مضمون الديمقراطية أو
الديموقراطية الغائية؟ بعبارةأخرى: هل الديمقراطية هي مجموعة إجراءات تتصل بطريقة
الوصول إلى السلطة وتداولها فقط، أو إنها تتعلق أيضا بجودة أدا نظام الحكم وقدرته
على حل المشاكل التي يواجهها المجتمع وتوفير الحياة كريمة للمواطنين، أي أداء
النظام وجودة الحكم؟
إن اهمية موضوع الديمقراطية تنبع
من انها تتناول قضايا حيوية تشمل طبيعة العلاقات
بين الحاكمين والمحكومين، وأساس الطاعة السياسية أو الإلتزام السياسي، والتوازن
الضروري والمطلوب بين الحرية والسلطة والعدالة، وبين الحق والواجب، والعلاقة بين
الدولة والقوى الاجتماعية، مدى تعبير الأولى- باعتبارها شكلا مؤسسيا وقانونيا- عن
المجتمع باختصار، إن البحث في موضوع الديمقراطية هو بحث في الشرعية الدولية وشرعية
النظم السياسية والاجتماعية0
الجديد في الأمر أن الثورات التي إجتاحت العالم
العربي لم تقتصر على الدول المحكومة عسكرياَ ، بل امتدت في الدول ذات الحكم المدني
أي ما أصطلح عليه بالحكومات الديمقراطية. فالوضع في العراق ولبنان شاهد على ذلك.
ما يؤكد الأمر ليس الحكم الديمقراطي ، ولكن الأمر يحتاج لنظريات وتحليلات ورؤى
جديدة تتواكب مع تطلعات الشعوب.
أما النموذج الأخر
هو إزدياد وتصاعد المطالبة بتحقيق المشاركة والكرامة والمساواة والعدالة والحرية،
وهي القيم الأثيرة لدي فلاسفة الديمقراطية0 ولم تقتصر هزه المطالبات على المجتمعات
التي خضعت لنظم سلطوية، بل امتدت إلى قلب عواصم دول الديمقراطية المستقرة ومدنها
الكبرى، ففي اكتوبر 2011، انطلقت المظاهرات في قرابة ألف مدينة في خمسة وثمانون
دولة، رفعت شعارات ضرورة كسر احتكار النخب وجماعات المصالح المنظمة النفوذ السياسي
وإعادة السلطة إلى الشعب0
إذاً الأمر مرتبط بمراجعة الممارسات
السياسية وأداء مؤسسات الحكم بهدف جعلها
أكثر قرباً إلى الإنسان العادي وأكثر تعبيراً عن مصالحه. وهنا تبرز أسئلة يمكن
نقيس عليها الوضع في السودان.هي ، كيف تعاملت النخب السياسية الجديدة التي وصلت
للحكم بعد سقوط النظام السلطوي مع تحديات مرحلة الإنتقال إلى الديمقراطية، وإقامة
مؤسسات العهد الجديد؟ وما العوامل المؤثرة في ذلك؟. ما المسار الذي أخذته المؤسسات
الجديدة؟وهل قادت تفاعلاتها إلى تعزيز النظام الديمقراطي وتوطيد أركانه وتأسيس لما
بعد الانتقال؟، أم إقامة نظم سلطوية جديدة.