الاثنين، 21 ديسمبر 2020

 

شمس الهدى إبراهيم إدريس أحمد

D. shams elhouda Ibrahim Edris Ahmad

Shams.mahir@gmail.com

التطرف والعنف السياسي

ودوره في فشل التجارب الديمقراطية في السودان

Extremism and political violence and its' role in the failure of the  democratic experiments in Sudan

 

المستخلص

السودان على أعتاب تجربة ديمقراطية رابعة عقب حكم عسكري استمر ثلاثون عاماً في ظل فشل التجارب الديمقراطية السابقة باعتبار أن تلك التجارب لم تصاحبها فترات انتقالية أسست لتحول ديمقراطي . ومرد ذلك التكوين الحزبي المتناقص  الذي اعتمد على التطرف السياسي الذي أدى بدوره  إلى العنف السياسي . فارتكزت الدراسة على فرضية (التكوين الحزبي سبب التطرف والعنف السياسي الذي أدى إلى فشل التجارب الديمقراطية في السودان).الهدف العام للدراسة هو ، رسم معالم طريق جديد يقود إلى تحول ديمقراطي حقيقي ومستدام .وكشف أسباب ومسببات التطرف والعنف السياسي الذي أدي لفشل التجارب الديمقراطية. وتقدم رؤية لتفادي ذلك. مستخدماً في الدراسة المنهج الوصفي الاستقرائي في تحليل الوضع . تناولت الدراسة اطار مفاهيمي( التطرف السياسي، العنف السياسي ومقومات احزاب التحول وممارسة الحكم الديمقراطي). تشخيص تكوين الأحزاب في السودان. دور التطرف والعنف السياسي في فشل التجارب الديمقراطية. نتائج وخلاصات ورؤية لمستقبل التجربة السودانية الحالية.  

*الكلمات المفتاحية

التطرف

العنف السياسي

التجارب الديمقراطية

الأحزاب السودانية

التحول الديمقراطي

Abstract:

Sudan is on the cusp of a forth democratic experiment after a military rule continued for thirteen years under the previous failure of the Democratic experiments, considering that these experiments were not accompanied by transitional periods that instituted for a Democratic transformation. Thence the contradictory partial composition, that relied on political extremism, which in turn led to a political violent.

So the study based on the theory of (the partial composition and the cause of extremism and political violence that led to the failure of the Democratic experiments in Sudan). The main purpose of the study is to characterize a new path lead to a true and sustainable Democratic transition, and reveal the reasons and causes of the political extremism and violence that led up to the failure of the Democratic experiments, and to present a vision to avoid that, by using the descriptive inductive method to analyze the situation. The study took up a conceptual framework (the political extremism, political violence, constituents of transformation parties and practicing the Democratic rule), Characterizing the composition of parties in Sudan, the role of extremism and political violence in the failure of the Democratic experiments, and results, abstracts, vision of Sudan's current experiment future.

*keywords

Democratic transformation

Sudanese parties

democratic experiments

political violence

Extremism

أهمية الدراسة

تنبع أهمية الدراسة من أن السودان على أعتاب تحول ديمقراطي ، ويمر بمرحلة انتقالية مشابهة لتجارب سابقة لم تُأسس لتحول الديمقراطي عقب حكم جاء عبر انقلاب عسكري مدعوم من حزب كان فاعلاً في الساحة السياسية ضاقت به الديمقراطية فلجأ إلى العنف والتطرف السياسي . فالدراسة تُفند أسباب الاتجاه  للتطرف والعنف السياسي للأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية في السودان.

كما تنبع أهمية الدراسة حسب علمي من أن كل الباحثين لم يتطرقوا إلى مسألة التطرف والعنف السياسي للقوى والتنظيمات السياسية في ممارسة العمل الديمقراطي الذي لم يفض إلى تحول ديمقراطي يقود إلى تجربة ديمقراطية حقيقية. ودور التكوين الحزبي في فشل التجارب الديمقراطية في السودان.

أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى رسم معالم طريق جديد يقود إلى تحول ديمقراطي حقيقي ومستدام .وكشف أسباب ومسببات التطرف والعنف السياسي الذي أدي لفشل التجارب الديمقراطية. خاصة وأن الثورات العربية في غالبها لم تنتج حكومات ديمقراطية، والسودان ليس بعيداً عن ذلك.

كما تهدف الدراسة إلى تقديم رؤية تتجاوز بها عقبات التجول الديمقراطي .بالإضافة لتجاوز اخفاقات التجارب الديمقراطية السابقة وأسبابه ومكامن ضعفها.

أن تكون الدراسة نموذج يحتذى في البلدان المشابهة في مكوناتها السياسية ، وأن تكون خارطة طريق لمسار ديمقراطي مستدام.

 

إشكالية الدراسة

مرت على السودان فترات حكم ديمقراطي منذ استقلاله في العام 1956 ، ولم تستمر طويلاً نتيجة المناكفات والتطرف والعنف السياسي . فاتجهت بعض القوى السياسية الفاعلة في الساحة السياسية إلى للجيش واستلام السلطة. ثم تأتي انتفاضة شعبية ضد الحكم العسكري ، وتبدأ تجرية حكم ديمقراطي تتعرض لذات المنهج وتفشل التجربة  بذات السيناريو. استمر السودان على هذا المنوال حتي حكومة الإنقاذ التي أطاح بها الشعب في أبريل 2019، وبدأت مرحلة انتقالية مطلوب منها تأسيس لتحول ديمقراطي وتجربة ديمقراطية جديدة. تقود مؤشرات هذه المرحلة إلى ذات المصير نتيجة التطرف والعنف السياسي الذي تمارسه الأحزاب السياسية  ضد بعضها البعض. خاصة وأن مرحلة الانتقال الحالية خطواتها لا تبشر بتأسيس لتحول ديمقراطي حقيقي، ولكنه يمهد  لمزيد من العنف والتطرف السياسي المضاد بشكله القديم. وسط تعقيدات داخلية وإقليمية ودولية.

فرضية الدراسة

التكوين الحزبي سبب التطرف والعنف السياسي الذي أدى إلى فشل التجارب الديمقراطية في السودان.

كما طرحت الدراسة سؤال: ما هو السبب الرئيس الذي جعل ظاهرة التطرف والعنف السياسي تكون ملازمة للتجارب الديمقراطية الثلاث وأدت إلى فشلها ، دون أن تجد معالجة تعصمها من التكرار.

محاور ومخطط الدراسة

اطار مفاهيمي( التطرف السياسي، العنف السياسي ومقومات احزاب التحول وممارسة الحكم الديمقراطي).

تشخيص تكوين الأحزاب السودان.

مظاهر واسباب التطرف

دور الطرف والعنف السياسي في فشل التجارب الديمقراطية.

 أزمة النظام الديمقراطي في السودان

الرؤية المستقبلية.

مقدمة

نال السودان استقلاله ووضعه السياسي يقف على أرضية سياسية متحركة ، احتدم فيها الصراع بين قوى سياسية تأسست على الطائفية والقبلية من جهة وصفوة ونخبة سياسية لها ولاءات متناقضة تجاه طرفي  الاستعمار الثنائي من جهة أحرى. علاوة على  مجموعات ذات أسس دينية وأخرى لا دينية، ومجموعات تبنت  أطروحات القومية العربية. هذه التكوينات كانت أساس ومكونات الحكومات التي مرت على السودان لاسيما حكومات الفترات الديمقراطية. أفرز ذلك الوضع نظام سياسي مضطرب طابعه الصراع والتطرف السياسي متخذ العنف السياسي كوسيلة بدلاً عن الحوار والتوافق في حلحلت المشاكل والأزمات . وكانت ممارسة الأحزاب والتنظيمات السياسية للعمل السياسي طابعها الاقصاء والإبعاد وأساليب غير ديمقراطية في الحكم. علاوة على الإحساس بالغبن السياسي والثقافي والاجتماعي الذي أفرزته مركزية السلطة. بالإضافة إلى طول فترات الحكم العسكري الذي أدخل فئات جديدة في الحكم لم ترضي أن تتخلى عن دورها السياسي في ظل أحزاب لا تمارس الديمقراطية في داخلها ، ولم تتح الفرصة لتلك القيادات المجتمعية الجديدة للمشاركة في السلطة باعتبارها سدنة الحكم العسكري. فأصبح العنف السياسي هو الأسلوب المتبع في كل التجارب الديمقراطية ،مما أدى إلى فشلها. كما أجابت الدراسة على سؤال عن ، السبب الرئيس الذي جعل ظاهرة التطرف والعنف السياسي تكون ملازمة للتجارب الديمقراطية الثلاث وأدت إلى فشلها ، دون أن تجد معالجة لتفاديها.

التطرف والعنف السياسي

استخدم مفهوم التطرف السياسي في الإشارة إلى الخروج عن القواعد الفكرية وقيم المعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع معبراً عنه بتبني قيم ومعايير مختلفة، وقد يصل الدفاع عنها إلى الاتجاه إلى العنف في شكل فردي أو سلوك جماعي منظم. يهدف إلى احداث تغيير  في المجتمع، وفرضه بقوة على الأخريين[1].كما يوجد تعريف اختصره في كلمات بسيطة ومعبرة "يعني الإفراط والغلو والتشدد في الفكر أو السلوك السياسي أو كليهما"[2].كما ربطت التعريفات الحديثة التطرف السياسي بالفكر السياسي، حيث كان الربط بأن التطرف السياسي ينبع من التطرف في الفكر السياسي ، وقد يتحول من فكر إلى سلوك ، وبالتالي يُولد التطرف السياسي العنيف[3]. كما عرفته بعض التعريفات بالغلو والتشدد في الفكر أو السلوك السياسي أو كليهما[4]. كما يقصد به خروج الأفراد عن الدولة وإعلان تمردهم ورفض جميع القوانين السائدة فيها ، والاقتناع بأفكار سياسية قد تؤدي إلى المناكفة السياسية في أدنى مستوياتها ، والتمرد والعصيان المسلح على الدولة ونظام الحكم القائم في أعلاها. كما يعني تكوين أفكار متطرفة وتقبل العنف كوسيلة لمحاولة التغيير[5].

أما مفهوم العنف السياسي مفهوم مركب ، متعدد الصور، والأبعاد والمستويات وله دلالات اجتماعية واقتصادية وسياسية ، وهو جزء من طبيعة البشرية والإنسان ، وهو في حالة كمون غريزي عدواني. تختلف هذه الغريزة  باختلاف الثقافات التي تحدد ظهوره. هناك أوجه عديدة للعنف منها العنف الاجتماعي والعنف السياسي وغيرها[6].

العنف السياسي يهدف إلى المساس بالنظام السياسي  ، وما يميزه عن ما عداه من انواع العنف، هو اشراك النظام السياسي كطرف في العنف ومدى الخطر الذي يتعرض له هذا النظام أو موجه ضده أو ضد أحد رموزه أو العنف الموجه منه للآخرين. وفي فكره العام هو استخدام الإنسان  أفراد أو جماعات القوة بغرض إرغام الغير واخافته لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية لها أبعاد سياسية لمصلحة فرد أو جماعة[7].

كما يعرفه بعض المفكرين[8]،"أن مفهوم العنف السياسي فعلاً من أفعال العنف يعني استعمال قوة كبيرة أو مدمرة ضد الانسان أو الأشياء مما ينتهك قاعدة من قواعد السلوك".

بعض التعريفات للعنف ربطت بين العنف والفوضى، حيث أوضح إيف ميشو بأنه "مجموعة من أعمال القتل والتعذيب والضرب والاضطهاد والإرهاب" عندما يقوم بعض المعنيين بالمساس بآخرين بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة يكون هناك عنف يسبب أذى لهؤلاء الآخرين مادياً أو معنويا. كما يلازم العنف أشكال الإجرام والعصابات المنظمة والاستخدام غير المشروع للقوة بشك يسبب خطر على حرية الشخص أو التنظيم  وبالتالي حرية التفكير والرأي[9].هذا التعريف يربط العنف بالحرية.

كما ظهر حديثاً العنف الإلكتروني، أي العنف السياسي عبر الفضاء السيبراني ، ويمكن أن يطلق عليه "العنف السياسي الإلكتروني". ومن الملاحظ يصنف هذا العنف في خانة العنف الموجه إلى بنية المنظومات والكيانات السياسية، وهو بطيء التأثير ولكنه عميق الأثر. بالإضافة لعمل يدخل في صميم العنف السياسي بشكله الحديث وهو "عنف الحرمان" وهو العنف السياسي نتيجة عدم عدالة في توزيع الثروة والسلطة .حيث تحمل الرسائل في الفضاء الافتراضي عبارات ونظريات تساعد في صناعة العنف السياسي ونشره بين الذات والأفراد، وتساعد شبكات التواصل الاجتماعي في بناء أرضية خصبة لانتشار السلوك العنيف، وتُعد تلك الشبكات فضاء لتعبئة الأفراد للمقاومة الشعبية في المجال السياسي، وتنمية الخطاب الحزبي الذي يُغذي العنف السياسي الناعم. ويدخل هذا النوع الحديث من العنف في دائرة العنف السياسي المجتمعي الذي تمارسه بعض القوى والجماعات السياسية ضد جماعات أخرى داخل المجتمع نتيجة أسباب سياسية أو اجتماعية أو دينية. ويستخدم هذا النوع من العنف عندما يعجز النظام القائم  من استيعاب القوى الجديدة الراغبة  في المشاركة  في السلطة ، والحصول على نصيب من السلطة والنفوذ[10].

يشمل العنف السياسي جوانب عديدة أهمها:

ü     وقائع وأحداث وممارسات يُمكن أن يقوم  من قبل أفراد ضد النظام أو أحد رموزه(العنف الشعبي) ، أو من قبل الحكومة ضد المواطنين (العنف الحكومي).

ü     الاستخدام الفعلي للقوة (أحداث شغب، تمرد وغيره).

ü     تحقيق أغراض سياسية ، كإلغاء قرار على سبيل المثال.

تفاوتت التعريفات المذكورة في هذه الدراسة في تناولها للعنف السياسي ،وتباينت فيما بينها من حيث تركيز بعضها على طبيعة الأفعال التي يقترن بها العنف. وبعضها اهتم بالجوانب المادية أو النفسية. كما اتفقت على أن العنف السياسي تكون أهدافه سياسية بغض النظر عن الوسيلة  المتبعة لتحقيق ذلك. ويمكن أن يكون العنف السياسي بالقول أو الفعل، عبر كل الوسائل المتاحة، وموجهاً نحو الفرد أو الجماعة أو النظام الحاكم ونظامه السياسي. ويمكن أن يكون" رسمي أو شعبي" يقوم به الفرد وجماعة أو تنظيم أو دولة.

كما ينبع التطرف السياسي من التطرف في الفكر السياسي ، والذي تحول من فكر إلى سلوك وبالتالي تولد التطرف السياسي العنيف[11].

يتداخل العنف السياسي مع الإرهاب السياسي، حيث يعتبر الإرهاب السياسي هو سلوك رمزي يقوم على أساس الاستخدام المنظم للعنف أو التهديد باستخدامه، بشكل يترتب عليه خلق حالة نفسية من الخوف والرهبة وعدم الشعور بالأمان لدى المستهدفين، وذلك لتحقيق أهداف سياسية[12]. كما اعتبرت بعض التعريفات العنف السياسي هو المظهر الرئيسي لعدم الاستقرار السياسي[13].

أسباب ومظاهر التطرف السياسي الذي أدى العنف السياسي

من مسببات اللجوء إلى العنف السياسي هو التطرف والتشدد في المواقف دون إمعان للعقل والتفكير والواقعية السياسية، وبالتالي يغوض التسامح والتوافق السياسي. ويكون محفزاً ودافعاً  للعنف السياسي. قد تكون الدوافع سياسية أو اقتصادية ، أو اجتماعية أو فكرية[14].

من أهم أسباب التطرف السياسي تصرفات الدول والأنظمة السياسية التي تمارسها على بعض الأفراد، مثل منعهم من المشاركة السياسية وأبداء الآراء حول الممارسة السياسية ، أو منع تكوين أحزاب أو ممارسة أي نوع من أنواع الحرية السياسية. بالإضافة للإقصاء السياسي التي تمارسه بعض القوى على الأفكار أو التوجهات الدينية أو السياسية أو باقي الفصائل المخالفة لمنهج تلك القوى.

إن التطرف في الأقوال والأفعال يقود للعنف السياسي ويصادر أي حوار عقلاني، ويشوه أي تبادل فكري، مما يقود إلى نفي للأخر وعدم الاعتراف بأحقيته في التفكير والتعبير. كما يقود الصراع الطبقي إلى العنف السياسي[15].وتعبر نظرية السياسة الصراعية  عن العنف السياسي بشكل واضح، وترى أن السياسة هي مجال التنافس بين المجموعات المختلفة، تسعى من خلالها امتلاك القوة، وهذا يقود إلى تطرف في المواقف السياسية التي تقود للعنف السياسي. فيما خلط  صموئيل هانتنغتون بين العنف وأشكال الاضطرابات الأخرى في المجتمع ، إذ يرى أن المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. يرتبط مستوى التحريك الاجتماعي مع مستوى التقدم الاقتصادي بالاستقرار السياسي[16]. هنا يؤكد أن عدم الاستقرار السياسي يقود للعنف السياسي، وأن المجتمعات الأقل استقراراً أكثر المجتمعات تعرضاً للعنف السياسي. وربما ما يتطور الأمر إلى أن يصل العنف السياسي إلى أعلى مستوياته ، وهو الإرهاب.

التكوين السياسي والفكري للأحزاب السودانية

كمدخل عام : أن الاستعمار  ترك في السودان نخبة صغيرة من المفكرين تواجه مجتمعاً كبيراً، غير منظم ، فيه قوة تحريكيه مستندة على الولاء الطائفي والأيديولوجي الذي شكله الاستعمار سياسياً بين الاستقلال أو الاتحاد مع الشريك المستعمر. وبالتالي لم تتمكن تلك النخبة من بناء نظام سياسي مستند على مؤسسات فاعلة. كانت تلك النشأة الأولى للتكوينات والتنظيمات السياسية في السودان ،التي مهدت إلى أن يمتلأ الفراغ المؤسساتي بالعنف السياسي والحكم العسكري*.ومن أهم التكوينات التي نشأت على هذا المنوال، هي.

الطائفية

طبيعة تكوين الأحزاب السياسية السودانية قائمة على الارتباط الطائفي ، أو الأيديولوجي .ركزت في بناء كوادرها على تنمية القدرات السياسية الخطابية وأهملت القدرات الفكرية والتجارب الحياتية، وأغلب قادتها مرتبط بالوضع الأسري والانتماء القبلي ، وتعتمد هذه الأحزاب على ما يقدمه الزعيم[17]. كان الحزبين الكبيرين في السودان حزب طائفة الأنصار وحزب طائفة الختمية والطرق الصوفية التي تدرجت في العداء السافر والتصفية للمهدية. وكانت تلك أو بادرة تصب في خانة التطرف السياسي التي أدت للعنف السياسي بين الحزبين الكبيرين في السودان. هذين الحزبين هما أقرب للأحزاب القومية رغم تصنيفهما المناطقي، كان يمكن أن يكونا أداء لتقليل ظاهرة العنف السياسي .ولكن حدة الصراع بينهما وتطوره أجهض تلك الفكرة، وأصبحا هما الرئة الرئيسة في تغذية العنف السياسي الحزبي[18].

أرجع بروفسير الساعوري أن الخصام والعنف السياسي بين الطائفتين ليس بدواعي دينية، ولكنها ترجع للنشأة السياسية للحزبين قبل أن يبدأ النشاط السياسي في السودان إبان الحركة الوطنية. وعند فتح أبواب النشاط السياسي اختلفت الطائفتان حول قضايا أساسية عند خروج المستعمر من السودان. الختمية نادت بالاتحاد مع مصر والأنصار طالبوا  بسودان مستقل واتجها للعنف السياسي ضد بعضهما البعض[19].

الحزب الشيوعي

الديباجة التي إنطاق منها أول حزب أيديولوجي (الحزب الشيوعي)في السودان ، تنص على أن: الدولة يتم بناؤها بحزب مستقل، وحديدي ومتحد فكراً وإرادة، وأن يجمع حوله كل المؤيدين ، ومشاركتهم في إدارة المعارك الفكرية[20]. هذا يقود أن الحزب يحمل في تكوينه بالفكر الاقصائي المتطرف الذي يمكن في تحقيق تلك الديباجة أن يتجه نحو العنف السياسي تجاه القوى السياسية التي تقف حجر عثرة أمامه لتحقيق تلك الديباجة. كما تبنى الحزب في العام 1986 الولاء المناطقي  وفكرة التهميش التي وجدت رواجاً وقوة دافعة له. مما أدي لمزيد من العنف السياسي والعنف السياسي المضاد[21].

الجبهة الاسلامية  القومية

يُعتبر حزب الجبهة الإسلامية القومية ،هو، الحزب الصريح وامتداد لحركة الأخوان المسلمين. وله دوره فاعل في العمل السياسي. تلك الحركة التي شهدت تطورات في فكرها التنظيمي وتنوعت في التسميات التي أدت إلى عدد من الانشقاقات في صفوفها حتى وصلت مرحلة حزب الجبهة الاسلامية القومية الذي فاز بكل مقاعد الخريجين في انتخابات 1986م ، وبالتالي أصبح حزب فاعل في الساحة السياسية. فكانت الجبهة وقبلها الاتجاه الإسلامي وجبهة الميثاق حزب يعتمد على النظام الأبوي (حزب السمع والطاعة) دون مجال للتفكير وإمعان الفكر لأعضائه فكان الحزب عداءه تاريخي لعقيدته الدينية ضد العقيدة الماركسية التي يتبناها الحزب الشيوعي. مما مكمن الصراع بينهما.

الأحزاب الإثنية والعرقية

الأثنية أو العرقية هي الظاهرة التي تُبرز مجموعات إثنية ما إلى حيز الظهور والاستخدام الذاتي والرمزي بواسطة المجموعة البشرية كشكل من مظاهر ثقافتهم لكي يميزوا أنفسهم عن المجموعات الأخرى[22]. قد أدى ضيف الفكر والتطرف السياسي وفشل الاعتراف بالتنوع الثقافي والاجتماعي، والنظرة الدونية لبعض الاعراق الاجتماعية(نظرية النقاء العرقي)في السودان وعدم إشراكها في الثروة والسلطة. أدى إلى تمحور جهود سياسية في الحصول تلك الحقوق والاعتراف بها كقوة مؤثر في الحياة السياسية. هذا الامر قادها إلى ممارسة العنف السياسي. وبالتالي دخل العنف السياسي دائرة الصراع المسلح. فكانت هنالك أحزاب ضمن المنظومة السياسية بمسميات أثنية وقبلية كمؤتمر البجا ونهضة دارفور ورابطة أبناء جبال النوبة وغيرها من الأحزاب الإثنية والقبلية ، وهي أحزاب فاعلة في المشهد والمسرح السياسي السوداني .

الأحزاب القُطرية (القومية)

نشأت أحزاب لأفكار حديثة نوعاً ما في الساحة السياسية السودانية، ولها جزورها في خارج السودان ، ولها أيديولوجيات متباينة ، وترتكز على القومية العربية دون غيرها . كأحزاب البعث العربي الاشتراكي (العراقي والسوري)، وشعاره (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ، والشعار ذات مدلول عرقي وديني. بالإضافة للحزب الناصري انتسابا لفكرة جمال عبدالناصر.وهي احزاب تؤمن بالقومية العربية لا غيرها (العروبة). ما يؤشر أنها تحمل بذرة الخلافات السياسية وعدم قبول التعددية والهوية والثقافة السودانية المركبة.

نشأة العنف السياسي وأشكاله في الأحزاب والتنظيمات السياسية في السودان

المتابع للعنف السياسي في السودان، وفقاً لتطوره السياسي، يلاحظ أن السودان تميز بالعنف السياسي البطيء الذي لا تظهر نتائجه من أول وهلة. وبرجع ذلك إلى طبية الشخصية السودانية وعدم اهتمامها بمواقف الفاعلين خلال عملية الانتقال السياسي إلى الديمقراطية وتجارها ، وعدم دراسة أثر هذه المواقف على عملية التحول الديمقراطي ، علاوة على عدم التركيز على اعمال العنف السياسي المصاحبة له. أي بمعنى أخر عد استحضار الذاكرة السياسية عند إعادة التجارب. وبالتالي أدى إلى فشلها. فظل النزاع كافياً بين مكونات وعناصر المجتمع، ويتفجر بفعل المسببات الأيديولوجية أو العاطفية أو السلوكية . فبتنقل المجتمع من الوضع الذي يتسم بالرضا إلى أوضاع النزاع والصراع وبالتالي التطرف والعنف السياسي[23].

اتسمت الأحزاب والتنظيمات في السودان بالتطرف الفكري الذي تطور من حالة فردية إلى حالة مجتمعية، أخذت شكل تيار في المجتمع وأفراده وتنظيماته. ولعب دوراً فكرياً في خلط الأوراق حول القضايا الوطنية وبالتالي تحول إلى فتنه سياسية ، وحالة صراع وعدم استقرار سياسي عانا منها السودان منذ استقلاله وتراجعت سلطة الدولة ، وتصاعد التطرف السياسي الذي أدي بدوره تقبل العنف كوسيلة لمحاولة التغيير وبالتالي أجهض التجارب الديمقراطية. فالأحزاب والجماعات الأثنية السياسية مالت إلى العنف المجتمعي، ورفع قادة تلك الجماعات والأحزاب من سقف الشعور بالتهديد لكي تتمكن من استمالت الأثنية والعرقية والمكونات الاجتماعية لالتفاف الأفراد حول الهوية القبلية ،أو القومية أو الإثنية. وأصبحت نظرتهم للآخرين تقوم على ثنائية الأصدقاء أو الأعداء، وتم تصنيف الآخرين استناداً على تلك الثنائية، وبالتالي ابتعدت عن التسامح مع الأخرين والمخالفين.

كان للبعد الخارجي دور بارز في تشكيل العنف السياسي، بعد أن مهدت الأحزاب والتنظيمات السياسية له الطريق منذ انهيار أول تجربة ديمقراطية التي أعقبتها الحكومة العسكرية الأولى، عندما أخفق رئيس الحكومة الفريق إبراهيم عبود في معالجة مسألة جنوب السودان ، وحاول معالجة الأمر عبر استخدام القوة العسكرية دون الالتفاف لانعكاسات البعد الإقليمي والدولي، وطرده للمبشرين الأجانب ورجالات الكنائس من الجنوب ، فتعاون علية أهل الداخل من منطق أبعاده من الحكم مع أهل الخارج بثورة شعبية في أكتوبر1964. فكان ذلك مدخلاً للتدخل في الشئون السياسية التي إلى تصاعد العنف السياسي وسط القوى السياسية. وهنا بدأت لغة الصدام والعنف السياسي بين الشيوعيين والإسلاميين في السودان تظهر على المسرح السياسي السوداني[24] .وظهرت الانقلابات العسكرية العرقية والقبلية، والتنظيمات القبلية والمناطقية مثل مؤتمر البجا في شرق السودان، واتحاد جبال النوبة، وجبهة دارفور[25].

دخل العنف السياسي إلى أتون المؤسسات التعليمية والفئات الطلابية نتيجة الغرس السياسي غير المرشد لمفاهيم سياسية عقائدية وغير عقائدية خاطئة، بالإضافة للمشاحنات القبلية والطائفية والحزبية ، التي أدت إلى تشكيل نخبة سياسية متنافرة ومتشاكسه لا مجال لقبول الأخر، يستخدم وسيلة العنف السياسي لتصفية الحسابات ، بدلاً عن الحوار[26].

أشكال ومؤشرات العنف السياسي في السودان

من خلال المتابعة للتجربة السودانية يتمثل مجمل اشكال العنف السياسي في الأتي:

ü     التظاهرات: وهي غالباً لا تخلو من العنف السياسي  بأحد أساليبه بشكل مادي أو شخصي.

ü     الشغب: هو عنف سياسي غالباً ما ستخدم في القوة.

ü     التمرد: هو عنف سياسي تستخدم فيه القوة المسلحة.

ü     الثورة : تستخدم العنف السياسي بهدف انتقال سلطة الدولة من طبقة لأخرى.

ü     الانقلاب أو محاولة الانقلاب: هو العنف السياسي لأحداث أو محاولة انقلاب من قبل قوة سياسية مستعينة بعناصرها في القوات المسلحة.

ü     حرب العصابات: وهي شكل من اشكال العنف السياسي كما في حالتي ما يسمى (بالنقرز) ،أو مجموعات الفضاء الإلكتروني التي تركز حملات ضد كيانات أو تنظيمات سياسية أو رموز سياسية.

ü     الإكراه الحكومي

العنف والعنف المضاد والتجارب الديمقراطية في السودان.

إن التكوين السياسي والفكري للأحزاب السودانية ، بالإضافة  إلى نشأة الأحزاب والتنظيمات السياسية والاجتماعية، كان المحدد الأساسي في سلوك وممارسة العمل السياسي ، والتداول السلمي للسلطة، أدى إلى غياب الفكر السياسي المفضي إلى قبول الأخر واتباع منهج الحوار ، واتباع منهج العنف السياسي والعنف المضاد في حل الخلافات. لذلك كانت التجارب الديمقراطية منذ التجربة الأولى قائمة على الصراع واستخدام العنف السياسي كوسيلة لحل الخلاف والصراعات. والشاهد على ذلك حادثة عنبر جودة[27]، التي تُعد من ابشع جرائم العنف السياسي في السودان تمارسها حكومة مدنية ضد مواطنيها عددهم(189) من المزارعين. تم سجنهم في غرفة مساحتها (40) متر مربع وعليها نوافذ على السقف صغيرة الحجم، واغلق الباب بشكل مُحكم. فماتوا بالاختناق. وسبب ذلك صراع بين الحكومة والمزارعين عند رفضهم تسليم محصول القطن ،واشتراطهم تسلم مستحقاتهم المالية قبل تسليم المحصول الجديد.

تصاعدت الصراعات والمناكفات بين حزب الأمة (طائفة الأنصار)والحزب الوطني الاتحادي(طائفة الختمية) ، وكان شعار حزب الأمة في الانتخابات (أنت رئيسا وسلمها لعيسى) ، وهذا الشعار يعني حزب الأمة لن يسلم الحكم لحزب أخر إلا أخر الزمان وظهور سيدنا عيسى علية السلام. ينم هذا الشعار على عدم التوافق على تداول السلطة ، وهي شعارات لا تمت للديمقراطية والتسامح الاجتماعي بصلة. فتصاعدت الخلافات لإسقاط حكومة طائفة الأنصار. صل أمر الخلاف لدرجة أن قال رئيس الحكومة الحزبية (عبدالله خليل) كلمته المشهورة "إن هذا البلد يجب أن يحكم حكماً ديكتاتورياً لمدة ثلاث سنوات بعد ذلك مافيش مانع الواحد يقتلوه ونخلص"[28] ونتج عن ذلك  عدم الاستقرار والفوضى، وعم العنف السياسي. وأصبح العنف والعنف المضاد السمة الأبرز في الحياة السياسية السودانية. واشتدت الصراعات داخل الحزبين الكبرين أدت إلى انشقاقات داخلهما. هذا الأمر أدى إلى أن يلجأ حزب الامة للقوات المسلحة عندما شعر بمحاولة اسقاط حكومته ، ورتب  وسلم السلطة للجيش، حتى يقطع الطريق على من يخالفه في تلك الفترة. وأصدر رئيس حزب الأمة صاحب الأغلبية البرلمانية بياناً أيد فيه استلام الجيش السلطة. ووصفه ينقذ البلاد من الفوضى والعبث السياسي، بهذا الانقلاب أتى الفرح بأن استلم أبناء الجيش البررة زمام الأمر بيد لا تسمح بالتردد والفساد ، ويقوم بما عجز عنه السياسيين[29].

أما المرحلة الديمقراطية الثانية عقب ثورة أكتوبر 1964 ، والتي أنهت حكومة عبود العسكرية. كانت الساحة السياسية قد ظهرت فيها تيارات وتنظيمات جديدة ( مجموعات اليسار والإخوان المسلمين) بالإضافة لطائفتين الأنصار والختمية. تكونت حكومة انتقالية تجاذباتها هيئتين ، الهيئة الأولي الجبهة القومية الموحدة ، كان شعارها "لا شيعة ولا طوائف ولا أحزاب ديننا الإسلام ووطننا السودان"[30]. ونلاحظ أن الشعار حمل في طياته فشل التجربة الديمقراطية القادمة. وبالفعل تفككت تلك الجبهة وخرج منها القوى السياسية اليسارية وتبعها الحزب الشيوعي ، وكونوا جبهة الهيئات. رفضت تلك الهيئة عودة الأحزاب التقليدية ( الأمة والختمية) ، والاكتفاء بجبهة الهيئات ، مع تأجيل الانتخابات[31].هذا الوضع أدي إلى نشوب صراع سياسي ، وتخلت الأحزاب عن الهيئتين ، وبدأت معركة الأحزاب منفردة مستخدمة التطرف والعنف في مواقفها السياسية. افرزت انتخابات تلك الفترة فوز حزب الأمة بالأغلبية واستمر في تكوين الحكومات الائتلافية، من جانبه رفض الحزب الشيوعي تلك الحكومة، وطالب بنظام شيوعي للحكم[32]. وكان ذلك إنذارا مبكراً للأحزاب بفشل التجربة. فأشتد الصراع بين اليسار واليمين. ونتيجة تمسك كل طرف برؤيته والتطرف في أفكاره ،فاتخذ العنف والعنف السياسي المضاد كوسيلة لتحقيق أهدافه السياسية. حيث أقدمت الجمعية التأسيسية السودانية بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان . فيما طلب رئيس حزب الأمة جناح الصادق المهدي (عقب اسقاط حكومته التي لم تدم لأكثر من بضع شهور) النجدة من الجيش  استلام السلطة عقب تصاعد الخلاف بينه وبين رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب المنتخب من قبل حزب الأمة جناح الهادي المهدي[33].تزامن ذلك مع نضج فكرة الضباط الأحرار في الجيش ، فما كان إلا وأن اتجه الحزب الناصري والبعثيين والحزب الشيوعي إلى تلك الخلية التي كان يرعاها وتنفيذ انقلاب عسكري لخدمه رؤية الحزب الشيوعي والسيار في الحكم. فكانت اجهاض التجربة الديمقراطية الثانية في عام 1969 بانقلاب مايو الذي نفذه قوى اليسار وعلى رأسها الحزب الشيوعي ، وأيده طائفة الختمية عندما أعلن وزير خارجية الانقلاب، أن سياسة الثورة الخارجية هي العلاقة مع مصر[34]. الأمر الذي تضاعف من التطرف والعنف السياسي وسط القوى والتنظيمات السياسية السودانية. فما كان من حزب الأمة (الهادي المهدي) إلا وتمترس في الجزيرة أبا معقل نشأت المهدية الأولى . واستنفر قواعده من جميع انحاء السودان لمقاومة الحكومة،  ورفض الاعتراف بالحكومة العسكرية وطالب بعدم مشاركة الحزب الشيوعي في الوزارة. وكانت النهاية أن شنت مايو حرب جوية وبرية على الجزيرة أبا* أحدث مجزرة راح ضحيتها أعداد من الأنصار والإخوان المسلمين وقتل فيها الامام الهادي المهدي على الحدود مع إثيوبيا. بالإضافة لمجزرة أخرى كان مسرحها بيت الضيافة بالخرطوم ومسجد الأنصار بأم درمان. استمرت مايو التي واجهت ثورة تصحيحية من الحزب الشيوعي لم يُكتب لها النجاح. وصاحبتها إعدامات بالجملة لأعضاء الحزب الشيوعي. وصف منصور خالد عدم إدراك الحزبين الكبرين عقب أكتوبر التغيير الذي حدث ، بقوله[35]" ان إيمان الحزبين الكبيرين جد عظيم بقدرتهما وحدهما أن ائتلفا على تحقيق الاستقرار السياسي، ولم يستذكرا أن وفاق الحزبين الكبيرين عقب أكتوبر لم  يق البلاد العثار في غيبة الوفاق الشامل على قضايا البلاد المحورية.

انتهت مايو بثورة اصطلح عليها انتفاضة أبريل 1985م ،أسقطت الحكومة العسكرية التي استهلت مشوارها  (باليسار السياسي وانتهت باليمين السياسي).بدأت الأحزاب والتنظيمات السياسية الفترة الديمقراطية الثالثة فاقدة لذاكرتها السياسية ، ودخلت خضم الممارسة السياسية بذات المنهج دون تعميق الفكر الاستراتيجي لديمقراطية مستدامة ، واتبعت ذات المنهج الذي أدي لفشل التجربة الديمقراطية الثانية. وجاءت تلك الفترة تحمل في طياتها غبن سياسي متعدد ،أوله تجاه الحزب الشيوعي واليسار بتنفيذ انقلاب عسكري على الديمقراطية في مايو 1969م، والثاني تجاه حزب الجبهة الإسلامية القومية (جبهة الميثاق الإسلامي) التي ناصرت حكومة مايو عقب المصالحة الوطنية. فكانت بذور فشل التجربة. فكان تجمع ما تعارف عليه قوى الانتفاضة التي تكون من الأحزاب (الأمة والختمية والاتحاديين والشيوعي وتنظيمات اليسار)، ثم جاء ميثاق التجمع من قبل تلك المجموعات السياسية أنفة الذكر. ذلك الميثاق الذي أوحد واقع صراعي جديدا. واتجه لتصفية أثار مايو ، ورفض مشاركة حزب الجبهة الإسلامية القومية في اجتماعات المجلس العسكري الانتقالي الذي دعا إلى اجتماع  لكيفية  رسم خارطة العمل في الفترة الانتقالية لتحول ديمقراطي يفضي إلى تجربة ديمقراطية ناجحة.

لم تكن للتجمع رؤية سياسية لإدارة الدولة وممارسة الحكم ، ولكنه صمم ميثاقه على افتراضات لا يحكمها الواقع ، حيث وصفه منصور خالد، " إن الوسائل التي أقترحها قوة التجمع في ميثاقها مقاتلة أعداء النظام الديمقراطي هو الإضراب السياسي والعصيان المدني[36].فكان تكتل (قوى الانتفاضة) الذي ضم حزب الأمة والحزب الشيوعي والحزب الاتحادي الديمقراطي وغيره من الأحزاب الصغيرة. عمل هذا التجمع في مواجهة الجبهة الإسلامية . وتشكلت في ذلك الوقت أحزاب جهوية كانت خصماً على الأحزاب التقليدية، وحاول التجمع إقصاء القوى السياسية الأخرى وهنا اشتد الصراع بين الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية (الأمة، والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية القومية) ، بدأ صراعاً خفياً بين كافة القوى السياسية ينخر في عضض التجربة الديمقراطية. فكان التطرف والعنف السياسي السمة الأبرز في الممارسة الديمقراطية. وأصدرت الحكومة الحزبية (عقب مظاهرات الجبهة الإسلامية) قراراً بحظر المواكب ، في خروج عن ميثاق الحرية والتعبير عن الرأي، ولكنه يؤشر للعنف السياسي والعنف المضاد . ودخلت القوى السياسية المكونة للحكومة في مشادات حول مبادرة أحد الأحزاب واتفاقه مع الحركة الشعبية (جون قرنق) للإحلال السلام التي تقاتل الحكومة المركزية ، ومن باب المناكفة السياسية رفض الاتفاق وأُعتبر عمل فردي .

كانت أخر حكومة(الحكومة رقم خمسة) في التجربة الديمقراطية الثالثة التي استمرت لمدة ثلاث سنوات، وهي حكومة خليط بن العسكريين والأحزاب ،ضمت كل الأحزاب عدا الجبهة الإسلامية القومية. وعدد من النقابات  والقوات المسلحة[37]. الأمر الذي عجل بانتهاء التجربة، عبر انقلاب عسكري عام 1989م ، مهدت له ورعته ودعمته الجبهة الإسلامية القومية عقب ابعادها من حكومة المهدي الائتلافية الثالثة.. فكانت التجربة الديمفراطية إضافة حقيقية تضاف للتجارب الديمقراطية الفاشلة التي كان أبطالها القوى والتنظيمات السياسية، التي انتهجت العنف السياسي وسيلة للخلافات بينها.

خلاصة التطرف والعنف السياسي

إن القوى السياسية في السودان لا تؤمن بالديمقراطية، وممارستها وتداول السلطة بطريقة سلمية. وإذا كان الأمر غير ذلك ، لماذا اتجهت الأحزاب للجيش بتكوين خلايا داخله لمساندتها ضد الآخرين, والانقلابات العسكرية بالتعاون مع القوات المسلحة على الحكومات خلال الديمقراطيات السابقة في 1957، و1969 و1989. وأي حزب أو تنظيم سياسي ضاق صدره تجاه الممارسة السياسية ، انقلب عليها. والشاهد في الأمر أن من يقوم ويؤيد الانقلاب العسكري هو حزب فاعل في الساحة السياسية والمشهد السياسي. وبالتالي أن الحكومات العسكرية في السودان  جاءت محمولة على تدبير وتخطيط الأحزاب السودانية نفسها.

تكتنف الساحة السياسية في السودان خصومة سياسية مركبة، أولها خصومة عقائدية عالية بين الحزب الشيوعي السوداني وحزب الجبهة الإسلامية القومية ، واقل درجة خصومة بين الشيوعي وحزب الأمة. يقابل ذلك خصومة بين الأمة والختمية ، يلتقيان تكتيكياً للنيل من الآخرين ويختلفان جوهرياً. هذا الصراع السياسي الحزبي ، أوجد دوامة ديمقراطية – انقلاب عسكري- ثورة شعبية – ديمقراطية(حقلة شريرة) طابعها عنف سياسي أفسد المناخ الديمقراطي . وتحول الولاء العام إلى ولاء حزبي جهوي طائفي قبلي. بالتالي أصبح الانتماء السياسي عبر المذاهب السياسية المختلفة هو الغالب في المجتمع السياسي. فأنعدم التجانس الاجتماعي ،أفرز صراع قبلي تبنته القيادة العليا في القبيلة . أدى لظهور الحركات المسلحة والتمرد على المركز، والدعوة إلى إلغاء التهميش في الأطراف. ما أنتج العنف والتوتر العرقي والقبلي والطائفي ، وبالتالي أصبح العنف السياسي هو الوسيلة للوصول للهدف ، وأوقع الفوضى[38].

نتيجة لهذا الوضع ، انعدم السلام السياسي ، الذي يُمثل الديمقراطية بعينها . فاحتكرت بعض القوى السياسية السلطة وتصاعد العنف السياسي ، وأُغلق الباب أمام المشاركة السياسية الواسعة لمن أراد أن يشارك. بالتالي أختفى مبدأ التداول السلمي للسلطة. فكان التفاعل الاجتماعي السياسي عبارة عن احتكاكات وصراعات وعنف ونفور وكراهية. والمحصلة النهائية هو فشل كل التجارب الديمقراطية في السودان.

خلاصة فشل التجارب الديمقراطية

تتلخص عوامل فشل الديمفراطية نتيجة التطرف والعنف السياسي في الأتي[39]:

ü     أزمة الصراع بين شريكي الحكم لا تحل بالتسويات السياسية، بل بإقالة الحكومة بواسطة رئيس الوزراء.

ü     تحريك المعارضة للشارع والنقابات ، الأمر الذي جعل الحكومة أن تتصرف بشكل من غير رؤية.

ü     التناقض بين الصفة الرسمية للحكومة ومواقف الأحزاب المكونة لها وأنصارها في الشارع.

ü     قبول رئيس الوزراء المنتخب لتعليمات القوات المسلحة ، مما يؤشر أن يتم تداول السلطة بالتهديد.

ü     تدبير حزب سياسي فاعل في الساحة لانقلاب عسكري واستلام السلطة من الحكومة المنتخبة.

ü     ومن أهم نقاط فشل التجارب الديمقراطية في السودان هو محاولة حل وتفتيت الأحزاب السياسية ذات القاعدة الواسعة ، وبحلها تماماً أحياناً.

 

جدول رقم (1) مقارنة احصائية يوضح فشل التجارب الديمقراطية نتيجة التطرف والعنف السياسي[40]

أسباب العنف السياسي الذي أدى للفشل

الديمقراطية الأولى

1955- 1958

الديمقراطية الثانية

1965- 1969

الديمقراطية الثالثة

1985 - 1989

ضعف حزب الأغلبية الحاكم في حسم الخلافات لغياب المنهج الوفاقي وسيادة منهج غالب ومغلوب

L

x

x

رفض المعارضة لحزب الأغلبية أن يحكم منفرداً

L

x

x

إنشقلق الحزب الحاكم إلى حزبين أو جناحين

L

L

x

رفض العمل المشترك  في حكومة قومية وعزل طرف سياسي بعينه

L

L

L

غياب اسلوب التسويات لحسم الخلاف في الإئتلاف الحالم

L

L

L

النفاق السياسي للأحزاب بالموافقة على التداول السلمي للسلطة سلمياً ولكنه عملياً  تستعمل قوة الجيش وتقوم بانقلاب عسكري

L

L

L

التآمر ضد شريك الحكم بالتعاون مع فصيل منشق منه وإسقاط الحكومة

L

L

x

تقديم مصلحة حزبية على مصلحة تحالف حالم

L

x

x

رفض التعائش السلمي بحل حزب سياسي بطريقة غير ديمقراطية

x

L

x

إقالة الحكومة بواسطة رئيس الوزراء

x

x

L

غياب الثقة بين التحالف الحاكم يؤدي إلى عدم الانسجام  وبالتالي اللجو للعنف السياسي

L

L

L

سيطرة الأقلية الفاعلة على الشارع السياسي تؤدي إلى احتقان سياسي فيصبح مبرراً للانقلاب العسكري

L

L

L

 التنافس بين قرارات الحكومة و مواقف الأحزاب المكونة لها

x

x

L

ضغوط قيادة الجيش لعزل حزب سياسي، والتهديد في حالة رفض المطالبة.

x

x

L

الفترات الإنتقالية تجازبتها الصراعات والعنف السياسي ولم تؤسس لتجربة ديمقراطية ناجحة

L

L

L

المفتاح:  L  = نعم ،   x = لا.

يتضح من الجدول  أن التطرف والعنف السياسي كان سيد الموقف في فشل كل التجارب الديمقراطية التي مرت على السودان. مع ملاحظة تصاعد العنف السياسي من تجربة لأخرى. وهنا بدر سؤال عن استمرار التطرف والعنف السياسي وملازمته لكل التجارب الديمقراطية دون  معالجة ، وظل متصاعدا من تجربة إلى أخرى.

كما تم ربط التطرف والعنف السياسي وفشل التجارب الديمقراطية بسبب ضعف العقل السياسي للقوى والتنظيمات السياسية. علاوة على ضعف الوعي الاستراتيجي السياسي ، والسلوك الوطني لدي النخبة السياسية. بالإضافة لضعف الاستراتيجية السياسية  في السودان. فالجدول الإحصائي التالي يوضح العلاقة بين ضعف الاستراتيجية السياسية في السودان والوعي الاستراتيجي والسلوك الوطني ، وبالتالي علاقتها بالتطرف في المواقف السياسية التي تؤدي للعنف السياسي، والذي بدوره يقود إلى عدم الاستقرار السياسي[41].

والجدول رقم (2) عبارة عن تحليل استمارة قدمت لعدد(300) شخصية سودانية ذات تخصصات في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلوم العسكرية والأمنية.

من الجدول يلاحظ ارتفاع عدد المبحوثين الذين يوافقون على تصاعد العوامل في المجتمع السوداني عامة والقوى السياسية خاصة التي تقود إلى العنف السياسي .

ملخص واقع أزمة النظام الديمقراطي في السودان

لم تكن هناك معالجات لظاهرة التطرف والعنف السياسي ، وتصاعدها من مرحلة لأخري. يرجع ذلك إلى طول فترات الحكومات العسكرية. فالنظرية المستو حاء من تتبع وتحليل الأسباب والمسببات لذلك المنحى ، نلاحظ أن هنالك علاقة طردية. فكلما زادت فترة الحكم العسكري أعقبته تجربة ديمقراطية يشتد فيها التطرف والعنف السياسي. وذلك نتيجة لنظام الحكم المتبع ومدى المشاركة المجتمعية في السلطة والعمل السياسي. وظهر هذا الاتجاه بعد التحليل للتطور السياسي في السودان ، الذي كان بين حكم ديمقراطي وحكم عسكري. ودور مشاركة المجتمع فيه. وفئة المشاركين في السلطة. حيث لا تتمكن الحكومة الحزبية من استيعاب  القوى الاجتماعية التي أفرزتها المشاركة الشعبية في ظل الحكومة العسكرية باعتبارها كانت القوة الشعبية المساندة وشارتها في الحكم بأي شكل ما. وبالتالي كلما طالت فترة الحكم العسكري كلما كانت هناك أجيال جديدة متتالية ليس في مقدور الأحزاب استيعابها.

أوجدت التجارب الديمقراطية في السودان نظام سياسي غير فاعل لعدم مشاركة المواطنين وقادتهم في رؤية المصلحة العامة (المصلحة الوطنية) للمجتمع والتقاليد والمبادي التي يُبنى على أساسها النسيج السياسي. وبالتالي أحزاب سياسية غير منظمة ، تكتنفها مشاركة شعبية ضعيفة في الشئون العامة للدولة. وبدلاً من أن تكون القوات المسلحة تحت الرقابة المدنية، أضحت القوات المسلحة هي الموجه الأساسي للعمل السياسي. بل تهافتت عليها الأحزاب السياسية الفاعلة في الحكومة المدنية ، واستخدمتها للنيل من بعضها البعض. الأمر الذي أفقد الحكومة الحزبية ميزة ضبط الصراع السياسي  واستخدام العنف. وبالتالي افتقدت القدرة على إدارة دفة الحكم وضبط إيقاعه، وهذا بدوره جعل الحكومة غير قادرة على تنفيذ قراراتها من خلال آلية الدولة. مما عظم  اللجوء إلى التطرف  في مواقفها ، فأصبح العنف السياسي وسيلتها وسلوكها. وكانت المحصلة أن أصبحت الحكومة عاجزة من سيطرتها على تصرفات شعبها . علاوة على ذلك فقد الحزب الحاكم السيطرة على أعضائه وانفرط عقد السلطة وأصبح تحت رحمة المشاغبين. فغياب الانسجام الاجتماعي ، ولا يُرى في الأخر إلا عدواً ، فتصاعد التطرف والعنف السياسي.

أفرز هذا الوضع قوى سياسية ذات بعد جهوى وإثني وقبلي وتمرد عسكري ، أضعف مؤسسات الحكومة. فأظهر ضعف وعدم تنظيم الحكومات الديمقراطية التي مرت على السودان ، وفشلها كنتيجة لذلك.

الرؤية المستقبلية

تتوقف الرؤية المستقبلية للحكم في السودان على المعرفة التامة بالواقع بكل تقاطعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومعالجة اختلالاته بفكر استراتيجي عميق مبني على المعرفة الدقيقة بالأوضاع الداخلية والخارجية، والوقوف على التجارب الناجحة  لبناء دولة مدنية حديثة.

الحقيقة التاريخية أن اقع التنظيمات والأحزاب السياسية في السودان منذ الاستقلال وحتى اليوم لم تكن مهيأة مؤسساتيا للحكم الذاتي ، حيث كان التطور المؤسساتي غير متوازن . وكان النخبة المدنية والعسكرية قد أحرزتا مستوى أعلى في التطور من الأحزاب السياسية ، وكانت للعسكريين حوافز قوية تدعمها القيادات السياسية لملء الفراغ المؤسساتي داخل البلاد. فكانت النتيجة والمحصلة النهائية سلطة سياسية مستبدة سريعة الاستبدال ، وبعنف سياسي ونظام متأرجح بين الحماسة الديمقراطية وتطرف سياسي سعى إلى تحويل الديمقراطية الجديدة  بتوجيهات وممارسات معادية للديمقراطية. فتغلب السودان بين الديمقراطية الحماسية وضدها. الأمر الذي  أفقد السودان الاجماع والانسجام السياسي ، والسند السياسي الخارجي. وتجاوزت المشاركة فيه مؤسساتية العمل السياسي. فكانت هناك انقلابات عسكرية وحزاب سياسية تكونت في ظل الحكومات العسكرية أ وأصبح القايد العسكري قادراً على قيادة حكومة مدنية. مستندا على الميزات التنظيمية للمؤسسة العسكرية . وبالتالي تتحكم  في العنف السياسي الذي ارتبط بالأحزاب السياسية في عملها السياسي. 

ظلت القوات المسلحة السودانية على صورة ايجابية لدى الشعب السوداني. وأنها الملاذ الأمن لكل القوى السياسية عندما يضيق صدرها بالممارسة السياسية. وهذا أكدته التجارب الديمقراطية. واصبح الجيش جزءاً من العملية السياسية التي لا تسير  دون القادة العسكريين والمدنيين . واستمرارها يتوقف علي مدى الانسجام بين طرفي المعادلة السياسية.

الواقع السياسي

يتوقف نجاح التجربة الديمقراطية الرابعة في السودان بالدرجة الأولى بتجاوز أسباب فشل الديمقراطيات السابقة بكل شفافية ووضوح، كما جاء بالدراسة. علاوة على ما أورده صموئيل هانتنغتون[42] عن عمر النشوء طالما أن التنظيم لا يزال يحتفظ بأول مجموعة له من القادة ، وطالما أن الإجراء لا يزال ينفذ من قبل أؤلبك الذين نفذوه أولاً، يكون نجاح التجربة ، وانتقال السلة سلمياً محل شك. وكلما تجددت القيادة كلما قلت الهوة بين من أنشأوا التنظيم والقاعدة الجديدة ، وكلما اتسعت الهوة بين القادة الأوائل والجيل الجديد ، يزيد التوتر داخل الحزب أو التنظيم. كما أن البطء في التكيف مع المتغيرات يُضعف المؤسساتية داخله.

أبرزت الحكومة العسكرية فئات جديدة شاركت في العمل السياسي، ودخلت  في المجال السياسة دون أن تكون متطابقة مع التنظيمات السياسية القائمة، أو دون الإذعان للإجراءات السياسية المتبعة. فأصبحت التنظيمات السياسية غير قادرة على مواجهة تأثير القوى الجديدة. وتطابق هذا البروز ما جاء به هانتنغتون[43].

واقع الأحزاب والتنظيمات السياسية في السودان ، أن عددها تجاوز المائة حزب . وميزتها أنها استوعبت الفئات الجديدة ، إذا كانت أجيال جديدة، أو تنظيمات أتت نتيجة شعورها بالظلم ،أو التهميش .يمكن أن تكمن رؤية الحل في هذا التعدد الحزبي ،أن تتجمع الأحزاب ذات البرنامج المتشابه في حزب واحد ، وعبر ذلك تكون هناك أحزاب برامج تنافس الأحزاب المتمسكة بالأيديولوجيات والطائفية إذا لم ترتضي أن تكون أحزاب برامج ، مما يقلل عدد الأحزاب. قد يقود ذلك إلى تلاشي بعض التنظيمات المتناكفة واندماجها في حزب واحد.(حزب برنامج).وتنتهي الأيديولوجيات والإثنيات والعرقيات التي كانت تمثل الرئة التي يتنفس بها التطرف والعنف السياسي كما ذُكر آنفاً. وبالتالي يكون هناك نظام حزبي جديد مبني على البرامج والمصالح المشتركة ، والمصالح العليا للبلاد بدلاً من النظرة الحزبية الضيقة التي تعظم من التطرف والعنف السياسي. هذا بخصوص التنظيمات الجهوية والإثنية والعرقية والمناطقية. أما الأحزاب الطائفية أو التقليدية التي تسعى للمحافظة على مجتمعها التقليدي ووضعها المتميز داخل هذا المجتمع .عليها أن تطور برنامجها لمواكبة تطور المجتمع نفسه واستيعاب الأجيال الجديدة ، والانعتاق من المركزية للحزب ، وتجاوز القائد الملهم (الإمام ، مولانا، الشيخ ، الزعيم) ، وإلا أنها تجد نفسها خارج المشهد والمسرح السياسي.في ظل عدم تجديد قيادة الحزب ، وبالتالي إنعدام الدافعية على أحداث إصلاح يستوعب المستجدات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتسارعة ، وأقل قابلية لاستيعاب الطبقات الاجتماعية  في النظام السياسي. بل تكون القيادات الجديدة منبوذة من قبل القادة الحزبية ، خاصة تلك التي كانت متحالفة مع الحكومة العسكرية.مما يزيد اهتمام (القائد الملهم) بالمحافظة على حزبه ، وغير قادر على تغيير نفسه ، وهنا تبرز هوة بين المجتمع وقادة الحزب ونظامه[44].

واقع القوات النظامية نلاحظ أن القوات المسلحة السودانية ظلت على صورة ايجابية لدي الشعب السوداني , ولم تكن النظرة إليها كجزء من النظام القمعي لأي نظام علاوة علي قناعة القوي السياسية ان القوات المسلحة عي صمام أمان يلجؤون إليها عند تضيق صدورهم بالممارسة السياسية . هذا ما أكدته التجارب الديمقراطية في السودان التي افشلتها القوى السياسية بتدبيرها انقلاباً على الديمقراطية .                                         

اصبح الجيش جزءاً لا يتجزأ من العملية السياسية في السودان . واصبحت العملية السياسية لا تستمر دون القيادة العسكرية والمدنية ، ويتوقف هذا الاستمرار على مدى الانسجام بين العسكريين والمدنيين . فأثبتت التجارب ان قادة الجيش ومشاركتهم في السلطة ابعد قواتهم عن الشئون العامة باعتبار قادتهم المشاركين في السلطة يحفظون حقوقهم المادية والمعنوية .

عموماً يسود السودان تسيس عام للقوى المدنية والمؤسسات الاجتماعية بما فيها المؤسسات العسكرية. بالتالي تفتقد السياسة للاستقلالية التامة. بل تعقيد وعدم تماسك. وتصبح مكونات الدولة المدنية متورطة في النشاط السياسي العام ، وأكثر تسيُساً ،وتحاول الدخول في المعترك السياسي. وفي ظل عد م وجود مؤسسات فاعلة ودستور يحكم الممارسة السياسية يعني أن السلطة مجزأة ، وتتميز بصفة الضعف وانها مؤقتة. ويكون اكتسابها سهلاً وفقدانها أسهل. فالتجانس والانسجام السياسي ، علاوة على المؤسسات الفاعلة هو سر نجاح التجربة الديمقراطية الرابعة في السودان.

اصبح الجيش جزءاً لا يتجزأ من العملية السياسية في السودان . واصبحت العملية السياسية لا تستمر دون القيادة العسكرية والمدنية ، ويتوقف هذا الاستمرار على مدى الانسجام بين العسكريين والمدنيين . فأثبتت التجارب ان قادة الجيش ومشاركتهم في السلطة ابعد قواتهم عن الشئون العامة باعتبار قادتهم المشاركين في السلطة يحفظون حقوقهم المادية والمعنوية . وفي نفس الوقت يجعل القادة الجدد يطمعون للوصول الى تلك المراكز القيادية . لذلك عندما يضيق الشعب بالقوي السياسية المساندة للقوي العسكرية تكون الجيوش أقرب إلى الشعوب ثورات الشعوب ، وبالتالي تطيح بالقادة العسكريين من سدة الحكم . مما يعنى ان الجيوش تستجيب للثورات الشعبية في حالات تلوث القادة العسكريين الانقلابين المتواطئين مع قوي سياسية معينة متمسكون بالسلطة.

خلاصة الرؤية المستقبلية جاءت كتوصيات ربما تمثل الطريق الصحيح لديمقراطية رابعة تخرج البلاد من حلقتها الشريرة (ديمقراطية – انقلابات عسكرية) .

أهم تلك الخلاصات كما يأتي:

 

أذن الوضع يحتاج لموازنة تحقيق الاستقرار السياسي . وتحتاج الموازنة لوقت حتى يتحقق المراد منها . هذا يتطلب فترة انتقالية كافية وتأتي في التعامل والمعاملة التي تحفظ حقوق الجميع دون اللجوء للعنف السياسي والعنف السياسي المضاد ، وان تكون المعلومات الانتقالية مشاركة بين المكون العسكري والمدني على مسافة واحدة من القوي السياسية بكل مكوناتها دون اللجوء الى عملية الانتقام و النشضي التي تفدح في عملية الانسجام السياسي على ان يتوافق الجميع على قانون تسير عليه الفترة الانتقالية .

وهذا يقود الى تناول العدالة الانتقالية وصولاً للدولة المدنية دون المسارعة للخدمة المدنية .

فالتعريف البسيط للدولة المدنية هي الدولة التي تشارك بها جميع مكونات المجتمع ومؤسساته كل في مجاله ولا غني عن احد مؤسسات الدولة في ادارة الدولة المدنية .

اما حقوقه المدنية هي القدرة التي تتكون من المدنيين فقط دون غيرهم.

هذا يقود الي ان القدرة المدنية في ظل تعاطفات وتداخلات سياسية كالحالة السودانية لاتكتب اليها التي (مما يتطلب لأمر قيام الدولة المدنية ) اولاً حتى تتكون كل مؤسسة معروف دورها ويترشح هذا المفهوم يمكن ان تكون علاوة علي الاهتمام بالعدالة الانتقالية  التي تسعى الي محاسبة الفاسدين من النظام مثل البؤرة وترك ما ليس لهم جريرة ان اعتصمو وشانهم والتفاعل مع الجميع وفق القانون في السودان على مصلحة انتقالية يجب ان تضع حساباتها على تكوين الدولة المدنية بتوافق المكون العسكري والمدني والاحتراف المتبادل وعدم السعي الي القاء الاخر حتي يتم تفادي الانزلاقات السياسية السابق التي اعصبت الثورات الشعبية.

كما ان السودان تتشابك فيه العملية السياسية ومكوناتها، والحلف دولة مدنية وصولاً للقدرة المدنية . هناك رؤى ومعطيات وتوصيات تقود الي تلك المهلة المنشودة موازنات معينة ، وهي:

اولاً: المرحلة الانتقالية

         يحتاج السودان الي مرحلة انتقالية طويلة شرط ان تتوفر لها عوامل النجاح لما بعدها ، واهمها العدالة الانتقالية والتسامح والانسجام بين مكونات المجتمع السوداني واقامة الدولة المدنية التي تشارك بها كل مؤسسات الدولة دون استثناء مع حرية و امعان الفكر الاستراتيجي العميق والابتعاد عن كل ماهو يقود الي الاقصاء وعدم الاعتراف بالاخر. فالمرحلة الانتقالية هي فترة بناء دولة المؤسسات السياسية بمشاركة سياسة عالية.

ثانياً: القوى السياسية

         ان تقوم مؤسسات سياسية متماسكة قائمة على البرامج القومية السودانية والمصلحة العليا للبلاد بعيداً عن التيارات المتشاكسة المتعاكسة تنديداً للعنف التطرف الذي يقود الب الصراع السياسي – العاصم من ذلك الصراع هي المشاركة السياسية خاصة في ظل مشاركة الطبقة السياسية المتوسطة ودخولها في المعترك السياسي .

ثالثاً القوات النظامية

       وحدة القوات المسلحة والابتعاد عن تكوين المليشيات المسلحة ومحاولة سلب القوات المسلحة قوتها وهيبتها ومهامها ، علاوة على ابعاد المؤسسة العسكرية عن المجموعات السياسية والاحزاب على ان توذ الدولة معيناتها وعتادها فصل خدماتها عن المؤسسة السياسية. مما يجعلها بعيداً عن الاهداء السياسية ، فقومية القوات المسلحة تحفظ تماسكها . وان تلزم القوات الشرطية الامنية بالمهام التي تكون من واجبها دون التدخل في الاختصاص والقيام بادوارها وواجباتها وابعادها عن التصاقها بالقوة السياسية ووضع قانون فصل السلطات الواجبات وعدم التعدي على مهام الاخرين . فالمعادلة السياسية لتحقيق الدولة المدنية علاقة طردية . كلما كانت المؤسسات السياسية متماسكة ومشاركة سياسية عالية كلما كانت اقرب للحكم المدني والعسكري.

 

 

 

 

 

قائمة المراجع

1. أمين حامد زين العابدين، إتفاقية السلام الشامل وخلفية الصراع الفكري، مطبعة جامعة الخرطوم 2007.

 

2. سعيد الجزائري، التصنيفات السياسية في العالم ، جزرء2، دار الجيل بيروت- 1997.

 

3. شمس الهدى إبراهيم إدريس ، الاستراتيجية السياسية وأثرها على الأمن القومي السوداني مطابع السودان للعملة 2018.

 

4. أمين محفوظ ، التطرف بين الديني والسياسي، مداخلة في الموتمر الدولي الثاني حول الأمن والارهاب بعنوان التطرف السياسي والديني في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط – الذي نظمه مركز الأبحاث الاستراتيجية - المغرب – مراكش – 13 -14/ ابريل 2019.

 

 

5. أمين محفوظ، التطرف بين الديني والسياسي، مداخلة في المؤتمرالدولي الثاني حول الأمن والإرهاب المغرب  ابريل 2018 -  نظمه مركز الأبحاث الاسترتيجية - بعنوان التطرف السياسي والديني في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

 

6. بربر العبادي، العنف السياسي بين الإسلاميين والدولة الحديثة، قراءة في أسباب الظاهرة، مجلة الفكر الجديد العدد(7) -1986.

 

7. حسن بكر، العنف السياسي في مصر – الأسباب والدوافع ، مكتبة الأسرة للقراءة للجميع –القاهرة،2005

 

8. منصور خالد، النخبة السودانية وإدمان الفشل.

 

9. صموئيل هانتنغتون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، دار الساقي – بيروت ط2 2015

 

10. عمرو محمد عباس محجوب، الرؤية السودانية – إنتاج الفشل لماذا نحن هنا – الجزء 1، دارعزة للنشر والتوزيع- السودان  2013 .

 

11.  أمين التوم ، ذكريات ومواقف في طريق الحركة الوطنية السودانية

 

12. أحمد الضو أحمد، ظاهرة العنف السياسي في السودان، دراسة إحصائية تحليلية مقارنة 1956-1996م، رسالة ماجستير غير منشورة،كلية الدراسات الإقتصادية والاجتماعية، جامعة الخرطوم 1998.

 

13. ياسر أبو حسن، ظاهرة العنف السياسي في العالم العربي 1990-2007م، مركز الراصد للدراسات السياسية  والاستراتيجية – السودان- 2008

 

14. حسنين توفيق إبراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية، مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت ط2 1999.

 

15. حسن على الساعوري، كيف يحكم السودان، شركة مطابع السودان للعملة- 2013.

 

16. لطيب حاج عطية، مدخل لمفاهيم وأليات فض النزاع، مجموعة أوراق عمل ، حول قضايا الوفاق والسلام في السودان، حررها عوض السيد الكرسني، مطبعة جامعة الخرطوم- السودان.

 

17. حسن بيومي، ممارسة السياسة وغياب الوعي الأمني، دار عزة للنشر والتوزيع -2003.

 

18. عبد الرحمن محمد حامد، من ضيع السودان، شركة مناكب العالمية للنشر1999.

 

19. محمد أدروب ابو هاج ، مؤتمر البجا: الماضي والحاضر(1958 – 2005)، الخرطوم –دار عزة للنشر والتوزيع.

 

20. مذكرات خضر حمد.

 

21. موسوعة مقاتل من الصحراء 6/8/2020 سعت 2200.

 

22. صحيفة النهار اللبنانية، بتاريخ 18/8/2019.

 

 

قائمة الجداول

الجدول رقم (1)

يوضح فشل التجارب الديمقراطية نتيجة التطرف والعنف السياسي

الجدول رقم (2)

تصاعد العوامل في المجتمع السوداني التي تقود إلى العنف السياسي .

 



[1] - موسوعة مقاتل من الصحراء 6/8/2020 سعت 2200

[2] - حسن بكر، العنف السياسي في مصر – الأسباب والدوافع ، مكتبة الأسرة للقراءة للجميع –القاهرة،2005، ص 52

[3] - أمين محفظ ، التطرف بين الديني والسياسي، مداخلة في المؤتمر الدولي الثاني حول الأمن والارهاب بعنوان التطرف السياسي والديني في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط – الذي نظمه مركز الأبحاث الاستراتيجية - المغرب – مراكش – 13 -14/ ابريل 2019

[4] - حسن بكر ، العنف السياسي في مصر، مصدر سبق ذكره، ص 50

[5] - حسن على الساعوري، كيف يحكم السودان، شركة مطابع السودان للعملة- 2013، ص 177

1--ياسر أبو حسن، ظاهرة العنف السياسي في العالم العربي 1990-2007م، مركز الراصد للدراسات السياسية  والاستراتيجية – السودان- 2008، ص 5

2- حسن بكر، العنف السياسي في مصر – المصدر السابق، ص 50

3 - سعيد الجزائري، التصنيفات السياسية في العالم ، جزرء2، دار الجيل بيروت- 1997، ص 10

4- أحمد الضو أحمد، ظاهرة العنف السياسي في السودان، دراسة إحصائية تحليلية مقارنة 1956-1996م، رسالة ماجستير غير منشورة،كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، جامعة الخرطوم 1998، ص 5

1 -صحيفة النهار اللبنانية، بتاريخ 18/8/2019

2- أمين محفوظ، التطرف بين الديني والسياسي، مداخلة في المؤتمر الدولي الثاني حول الأمن والإرهاب المغرب  ابريل 2018 -  نظمه مركز الأبحاث الاستراتيجية - بعنوان التطرف السياسي والديني في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط-

1- حسنين توفيق إبراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية، مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت ط2 1999، ص 53

2- نفس المصدر، ص 57

3- بربر العبادي، العنف السياسي بين الإسلاميين والدولة الحديثة، قراءة في أسباب الظاهرة، مجلة الفكر الجديد العدد(7) -1986

4-احمد الضو أحمد، مصدر سبق ذكره، ص 17

5- صموئيل هانتنغتون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، دار الساقي – بيروت ط2 2015، ص 54

1- عمرو محمد عباس محجوب، الرؤية السودانية – إنتاج الفشل لماذا نحن هنا – الجزء 1، دار عزة للنشر والتوزيع- السودان  2013، ص 160

2- حسن علي محمد الساعوري، كيف يحكم السودان، مصدر سبق ذكره، ص 185

3- نفس المصدر ، ص 57

1- عمرو محمد عباس محجوب ، الرؤية السودانية، مصدر سبق ذكره ، ص177

*إسقاطه على الوضع في السودان - مستوحاه من كتاب صموئيل هانتنتغتون –النظام السياسي لمجتمعات متغيرة ص203

2حسن علي محمد الساعوري، مصدر سبق ذكره ، ص186

3- أمين حامد زين العابدين، اتفاقية السلام الشامل وخلفية الصراع الفكري، مطبعة جامعة الخرطوم 2007، ص 1

1-الطيب حاج عطية، مدخل لمفاهيم وأليات فض النزاع، مجموعة أوراق عمل ، حول قضايا الوفاق والسلام في السودان، حررها عوض السيد الكرسني، مطبعة جامعة الخرطوم- السودان، ص6

1 - حسن بيومي، ممارسة السياسة وغياب الوعي الأمني، دار عزة للنشر والتوزيع -2003، ص 231

2- محمد أدروب ابو هاج ، مؤتمر البجا: الماضي والحاضر(1958 – 2005)، الخرطوم –دار عزة للنشر والتوزيع ، ص159

1- حسن بيومي، ممارسة السياسة وغياب الوعي الأمني ، مصدر سبق ذكره ، ص190

2- جودة منطقة تقع على الحدود الحالية لدولة جنوب السودان، وقعت فيها جريمة قتل بشعة نتيجة عنف سياسي متبادل بين الحكومة الحزبية الأول في فبراير 1956م. أي بعد شهر من اعلان استقلال السودان.

1- مذكرات خضر حمد، ص 280

2- عبد الرحمن محمد حامد، من ضيع السودان، جزء 1 ، شركة مناكب العالمية للنشر1999، ص 108

3- أمين التوم ، ذكريات ومواقف في طريق الحركة الوطنية السودانية، ص223

1- المصدر نفسه ، ص224

2- نفس المصدر، ص 230

3- منصور خالد، النخبة السودانية وإدمان الفشل، الجزء1 ، ص 161

4-  عبد الرحمن محمد حامد، من ضيع السودان ، مصدر سبق ذكره، ص 117

* الجزيرة أبا  هي جزيرة وسط النيل الأبيض ، وهي المنطقة التي انطلقت منها شرارة الثورة المهدية ، ودارت فيها أول معركة بين الإمام المهدي والمستعمر في العام 1881م ،هي معقل طائفة الأنصار وكان قد تخندق فيه أنصار حزب الأمة عقب انقلاب مايو 1969م.

1- منصور خالد، النخبة السودانية وإدمان الفشل ، مصدر سبق ذكره، ص 111

2- منصور خالد، النخبة السودانية وإدمان الفشل، جزء الثاني ، مصدر سبق ذكره، ص 55

1 - حسن علي محمد الساعوري، مصدر سبق ذكره ، ص 144

1- صموئيل هانتنغتون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة ، مصدر سبق ذكره، ص 10

2 - دراسة ماجستير غير منشورة للباحث، جامعة أم درمان الإسلامية – معهد دراسات العالم الإسلامي، 2015

1- حسن علي محمد الساعوري، مصدر سبق ذكره ، ص 146 -147

1- شمس الهدى إبراهيم إدريس ، الاستراتيجية السياسية وأثرها على الأمن القومي السوداني -1990 -2018،مطابع السودان للعملة 2018 ،  ص 280-281

1- صموئيل هانتنغتون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، مصدر سبق ذكره، ص 23

2- المصدر نفسه ، ص 31

1- ذات المصدر ، ص 159